سيمفونية الرحيل
بقلم
آمال محمود كحيل
ترى هل ستبدأ الآن أولى خطواتي نحو ذلك المجهول البعيد ؟!
أفي هذه اللحظة بالذات ؟! وأنا المسكونة بالكوابيس ليل نهار ،
والعارية من أي رداء قد يعينني على مواجهة صقيع خوفي من اللا منظور ؟!
أم علي أن أجتاز هذي المسافات كلها ركضًا على صهوة الحنين كيما أصل إلى منتهاه
في محاولة مني _ غير صبورة _ لرتق جرحي القديم عنوة غير عابئة ولو للحظة
بصرخات ألمي الشديد ولا بشهقات العذاب
آه يا جرحي المسافر في الأعماق
الممتد من الأفق إلى الأفق المالئ كل الشقوق والمسامات
أيهذا الجرح الذي تنافر طرفاه منذ سنوات وسنوات
لا زلت تستنزف كل أمل لي في الشفاء فكيف لي الآن
أن أوقف زحفك المجنون في جسدي إلا بالفرار إلى الجحيم ؟!!!
وأنت ...
أنت يا أيتها الروح الممزقة بين ما كان ، وما سوف يكون
أو ما كففت عن التسكع بين محطات الحنين فقولي لي بالله من ترقبين ؟!
أن يأتي أحدهم يومًا ليحمل عنك عبء أيامك الثقيل
وأن يمضي بك فوق حصانه المجنح فارس نحو عالمه الساحر الجميل
ما انتظارك هذا إلا ضرب من غباء أو جنون ؟!
وأنت ...
أنت يا أيها القلب المشرد بين آلاف القصائد والذكريات
ألم تكتف بعد من معانقة المعاني والقوافي والهوامش والسطور
وهل في صفحات عمرك إلا بعض كلمات مبعثرة وأحرف ذابلات
وأشلاء حلم تافه عن قليل سوف تذروه الرياح
وأنت ...
أنت يا أيتها العيون الموغلة في اللاشيء المغمضة على لا شيء
والمجهدة من تداعي خطوات الليل البهيم على أرصفة السهاد
أما زلت غارقة في الأحاجي والغموض ؟
وأنت ....
أنت يا وجهي الغارق في أحزانه السرمدية
أما كففت عن النظر إلى أسفل قدمي ؟!
فهذا الحاضر الزئبقي ممعن في الغياب عن كل المشاعر والحواس
ومَن تحت التراب ليسوا بمعزل عن الشوق إلي فلا تتركوني الآن
سحقًا ألف لكم جميعًا وسحقًا ألف لي
إني أعي جيدًا ما ينتظرني في رحلتي المفاجئة من وقفات وشطحات
ومن علو وهبوط ومن هزائم وانتصارات
وكم يحلو لي أن نباركها معًا فحنانيكم لا تطلبوا الآن مني الوقوف
ويا جوارحي النائمة في خدر القنوط
أما استمعت إلى ندائه الهامس الشهي اللذيذ
لا ترفضي اليوم مرافقتي إليه فحتمًا سيكون اللقاء بيننا أجمل بكثير مما نظن
إني أعي اللحظة من أين يأتي ذلك الهمس الحنون الرؤوف
فذاك النور في نهاية الممر يصيح بي أن هلمي هيت لك
آهِ إني أعي جيدًا كون احتضاري لن يكون بأي حال كاحتضار الآخرين
لأنني لحظة أفتح ذراعي فيحتضنني جسده الهزيل
ستكون ابتسامتي آخر شيء بي يموت
ونبض قلبي أول عازف لسيمفونية الرحيل