منضدتي القديمة المتأرجحة ،القادمة من الزمن الماضي، إبريقي العجوزالحامل لعبقٍ غابرٍ منذ القِدم ، فنجالي العتيق المتكئ بالقرب من متناول يدي ، شركاء جلسة المساء ، وحديث الشفاه الصامت تلوكه العزلة ، ذاكرتي تسقي أسطري المتناثرة على أوراق الألم المتمدد إلى جواري ، أنفاسي العميقة، المترددة ذهاباً وإياباً تبحث عن ممرٍ آمن تلوذ به من ألسنة الأسى .
قلمي المتوجع يستفزه الأنين المختبئ بين السطور ، يسكب دموعه أحرفاً حائرة لا تشبع نهمة الوصف الراغب في البيان فيكتفي بما يلتقطه التفسير العابر و يخفي عمق البوح في صناديق الآه المتكدسة في دهاليز الصبر. ذراعاي يحتضناني كلما سرحت هواجسي ، أو ضوحت بي عاطفتي نحو عالمك البعيد الذي لا تراه الا عينان تشرقان بمائهما كل ذات ذكرى يلوح فيها طيفك .
المسافة بيني وبينك آهة يلتقطها الهواء ودمعة تسافر في عناء ، وألم يصنعه البلاء .
قدري أن أكتوي بلظى الشوق دون يقين لقاء وأن يبقى عطشي إليك يساومني حياة بشقاء.
سأبقى هنا بين حديث الصمت وبوح الآه ، سأزرع بذور الورد بهدوء كي اقطفها حين التقيك ذات صبح أو ذات مساء .
حينها سأحتفل بطريقتي وسأطلق لحنجرتي عنان الغناء ، سارقص رقصة الفرح في كبرياء وستكون كتفك وكتفي علي حدٍ سواء ، فأنت حينها لم تعد رضيعاً كما كنت بل ستكون فتىً يافعاً يشق نظريك أفق السماء، وفي قبضتك صارم يفزع الجبناء.
سأروي للرفاق اعجوبتنا يا صغيري ولكن اذا حان اللقاء.