جلست في المقهى تنتظر وتنتظر، كلما استفزها الزمن نقرت الطاولة ، كلما رأت شخصاً تخيلته أنه هو، تهتز نفسها ، يغلي الدم في ذاتها ، تهم بالوقوف ، يغيب الشخص الآتي .. الذات تشرب برودة المكان . هواجس فائضة تقتل الذاكرة . قد يأتي ولا يأتي .. لا بد أن يأتي لأخبره بالحدث ، بما جد في حياتي ، بل في حياتنا ..
قال لها يوماً : سوف نغرس شجرة ، نتسلق فيها إلى أعلى ، نبني عشنا ، ننتظر ثمارها ، نجنيها بأيدينا ، نسقط منها ، تلتقطها طيور جانحة ..
أحست بدفء في جوانب مؤخرتها ، نشف ريقها .. فجأة رن الهاتف ، نظرات الجالسين تخرق جسمها ، نهضت تتلوى بين الكراسي . ضغطت على الزر بعنف ، صفعتها ضحكة مستولدة من الأعماق .. بنظراتها الحادة خرقت زجاج النافذة ، رأته يموت شبعاً من الضحك ، وأخرى تظلله بمطرية خضراء ، تداعب برأسها نبضات قلبه ..