أريدُ الرحيلْ .. فلا تسأليني إلى أينْ
فرحيلي لبلادٍ لا تملكُ عنوانا
ليسَ إلى جـنـةٍ أنْـشُـدُ نعيمها
ولا إلى نارٍ يَـحـضُـنـنـي جحيمها
رحيلي سيدتي .. إلى بلادٍ ما بينَ وبينْ
إنه إلى سيدةٍ تعرفُ كيفَ تَعْشَقُني
سيدة .. أجملُ ما فيها العينينْ
تَـضـمُّـنـي إلى صَـدْرٍ ليسَ يُشبههُ
صَـدْرُ ربّ أو أبوينْ
صـدرٌ .. أنسى عليه مأساتي
وكيفَ ضَـيَّـعـنـي رحيلُ القدمينْ
وسرقتني إلى بلادٍ لمْ يخلقها الله
فلا أمـانٌ أنشده خلفي
ولا أمـامـي .. ولا مِـنَ الجنبينْ
وبحورٌ هاجتْ بالمُقلتينْ
ابتسمي .. فقد حانَ موعد الرحيلْ
كفكفي الدموعَ سيدتي
فَمُحرَّمٌ على الدموعِ الآنَ أنْ تَسيلْ
دموعٌ .. تَمنيتُ أنْ تَـضْـنـيـكِ
في حكاية الأمس الذي مضى
وتنحدرُ على خَدَّيكِ بأسلوبٍ جميلْ
أسلوبٌ .. يُشبه لحني عندما يبكي
أسلوبٌ سيدتي .. للآنَ ما قِيْلْ
كفكفي دموعكِ وابتسمي
فالدموعُ لا تُحيي القتيلْ
فأنا .. أنا مِتُّ قبل يومينْ
وكنتُ لا أطلبُ منكِ الكثيرْ
فقطْ .. طلبتُ حُـبَّـاً يُشفيني
أرضى به .. ولو كانَ قـلـيـلْ
لمْ أدرِ أنَّ الحبَّ سلعةً تَبيعينها
والثمنُ لو تدري عندي ثَـقـيـلْ
اصمتي .. لا تنحبي
فقد كَـرهتُ الدمعَ .. كَـرهتُ العويلْ
لا لنْ أعودَ سيدتي
لنْ أعودَ ولو طلبتِ المُستحيلْ
ماذا تـظـنّـيـنَ الدنيا ..
أهي أنْ تُبقيني سجيناً بأسواري !
أقْـضِـمُ خيبتي .. وأرشفُ دمعتي !
مُخطئةٌ أنتِ ..
مُخطئةٌ أنتِ وتافهةٌ
أكبرُ مِنْ أنْ تفهمها امرأة أقداري
وأرضكِ .. حيثُ تعيشينَ يا صغيرتي
لا تَـعـدلُ كأساً ببحاري
فبحاري .. تَـضُـمُّ الدنيا
تَـضُـمُّ الكونَ بأسراري
لا لنْ تفهمي أسراري
فاصمتي عندَ التفكير وارتاحي
فمجردُ نُـطْـقَ اسمي لكِ
إنه سيدتي كيف تحتاري
كيف تخشي الغرق بأنهاري
فأسرقكِ إليَّ بتيَّاري
وأحرقكِ .. كأوراقٍ بُليتْ
أفنيها .. كما أفنيتِ أشعاري
وأنتِ يا صغيرتي .. أنتِ
أَقَـلُّ مِنْ ورقةٍ بأشجاري
دعيني أرحلُ عنكِ فترتاحي
فقليلةٌ أنتِ .. وتافهةٌ
وأكـبـرُ .. أكـبـرُ .. أكـبـرُ
مِـنْ عَـقْـلِـكِ أقـــــداري