|
هَبْ لي بيانًا لأحكي بعضَ ما وجَبا |
فإنَّ تاريخَنا من أرضِنا سُلِبا |
هَبْ لي من الشّعرِ إمَّا جادَ قافيةً |
أبكي بها المجدَ، والأوطانَ، والعربا |
أبكي جمالاً إذا ما جئتُ أذكُرُهُ |
تفجَّرَ الحزنُ في الأحشاءِ والتهبا |
أبكي التي لو رأت عينايَ أحرُفَها |
لكادَ من فرطِ وجدي القلبُ أن يثبا |
فتاةُ خدْرٍ أباحَ الجهلُ زينتَها |
ودنَّسَ البغيُ منها الثّوبَ، واللقبا |
باتَتْ تسيلُ لوقعِ السّوطِ أدمُعُها |
وتشتكي تحتَ ظلِّ الغاصبِ اللغبا |
وأنَّ سودَ الليالي في تعاقُبِها |
قد مزّقتْ مجدَها في غدرِها إربا |
يا أُختَ هارون هل تكفيكِ قافيةٌ |
وهل سيُجدي رثائي فيك إن كُتبا |
إذًا لحبَّرتُ شعرًا لو على جبلٍ |
ألقيتُه لتهاوى الصّرحُ، واضطربا |
وافاك بغداد ليلٌ كلُّ داجيةٍ |
من ظلمةٍ فيه تشكو الويلَ، والعطبا |
كَمْ ذا يُمزّقني شعري ويقتلني |
لحنٌ بأوتارهِ الخرساء قد نعبا |
أمرُّ لا الدارُ فيما حلَّ آهلةٌ |
ولا الزّمانُ كعهدي فيه قد رحُبا |
تُساقُ بغداد نحو الموتِ صابرةً |
يُلطِّخُ البغيُ ثوبًا فوقها قشبا |
يا دُرّةَ الأرضِ قد جئنا على عجلٍ |
نعالجُ الجرحَ لكنَّ الجوادَ كبا |
منارةَ العلمِ قد غالتك غائلةٌ |
فيها المُدبِّرُ خزيًا ناقعًا شربا |
فاقَ التتارَ بما أسدت أصابِعُهُ |
فأحرقَ العلمَ، والأوراقَ، والكتبا |
معاهدُ العلمِ أضحت في فعائِلِهِ |
والنّارُ تلعبُ في أوصالها ـ حطبا |
إن كان في خزيهِ ولّى أبو جَهَلٍ |
فإنَّ ألفَ أبي جهلٍ بنا وثبا |
يا مَن لها كلّ يومٍ عند صحوتِنا |
نُجَدّدُ الحبَّ، والتحنانَ، والطَّربا |
سينجلي الليلُ في سعدٍ، وكوكبةٍ |
من الرجالِ تقودُ الجحفلَ اللجِبا |
جحاجحٌ تنحني الدنيا لصولتِهمْ |
وفي سنى برقِهِمْ قد نالتِ الرتبا |