فِيمَ النُّبُوءَةُ أيُّهَا الْعَرَّافُ
والسَّيْفُ أصْدَقُ مَا رَوَى السَّيَّافُ
لَمْلِمْ دِمَاءَكَ، غَطِّ جُرْحَكَ، وابْتَسِمْ
فَكَذَا الْإِبَاءُ متى أَبَى الْأَشْرَافُ
بَيْنَ الْقَتِيلِ وَقَاتِلِيهِ مَسَافَةٌ
يُبْدِي الشَّجَاعَةَ - دُونَهَا - مَنْ خَافُوا
***
سَنُرِي الَّذِينَ تَكَالَبُوا مِنْ صَبْرِنَا
مَا لَمْ يَرَوْا، وَالْمَوْتُ فِيهِ رُهَابُ
لا سِرَّ في الصبرِ الجميلِ سوى يَدٍ
تَهَبُ الْحُضورَ، وفي العُروقِ غِيَابُ
حَمَلُوا الْمَصَاحِفَ، كَبَّرُوا، فَتَنَاثَرُوا
وَرَصَاصُ مَنْ حَمَلُوا السِّلَاحَ يَهَابُ
**
يَا بُحَّةَ النَّايِ التي كَمْ جُرِّحَتْ
مُنْذُ اسْتُبِيحَتْ بِالْأَسَى النَّايَاتُ
يُمْلَى الشَّهِيدُ على الشَّهيدِ وَصِيَّةً
تُتْلَى دَماً، فَتَلُفُّهُ الرَّايَاتُ
نَحْوَ الْجِنَانِ: فَسَابِقٌ وَمُسَابِقٌ
تَهْدِي سَبِيلَهُمَا لَهَا الْآيَاتُ
**
دَثَّرتُني بالصَّبْرِ حتَّى مزَّقوا
عنِّي الغُبَارَ، فَمَنْ يَخِيطُ غُبَارِي؟
وَلِمَنْ سَأشْكُو ما لَـقِيتُ وَشِقْوَتِي
أنَّ التَّـظلُّمَ ليسَ يَمْسَحُ عَارِي؟
رُدُّوا الْغُبَارَ عَلَيَّ حِينَ يَلُـفُّنِي
عُرْيُ المسافةِ، فالغُبَارُ دِثَارِي
**
وطنٌ بحجمِ الحُلمِ، أكْبَرُ مِنْ دَمٍ
ما جَفَّ بَعْدُ، ودمعةٍ تنْسَابُ
وطنٌ له في القَلبِ جَذرٌ موغِلٌ
في الذكرياتِ، يقينُه مرتابُ
وطنٌ غدَا بينَ النقيضِ وضدِّهِ
مثلَ الغريبِ يُحِيطُهُ الأَغْرَابُ
**
صُرْنِي إلى عينيكَ طَيْرَ نُبُوَّةٍ
كي يَطْمَئِنَّ - متى ذُبِحْتُ - فُؤَادُكْ
سِرْ بي إلى كلِّ الْجِهَاتِ، فليس لي
ضوءٌ يَدُلُّ إذَا اسْتَبَدَّ سَوَادُكْ
يا ذلك المَنْفِيُّ والمَنْفَى، كَفَى...
أتْعَبْتَنِي شَغَباً.. وفَازَ عِنَادُكْ
**
لَنْ يَهْزِمَ الْبَارُودُ صَوْتاً شَاعِراً
فالشِّعْرُ: أَنْ يُبْدِي الْيَقِينَ شُجَاعُ
يَمْضِي إِلى الْكَلِمَاتِ ظِلّاً مُوجَعاً
مُتَوَجِّعاً، فَتَخَافُهُ الْأَوْجَاعُ
يَتْلُو الْقَصَائِدَ لِلَّذِينَ تَـفَرَّقُوا
شِيَعاً عَلَى دِينِ الرَّصَاصِ، فَضَاعُوا
**
"سَأَصِيرُ يَوْماً مَا أُرِيدُ"... فَكَذِّبِي
عَنِّي الذِينَ إِذَا أَبَيْتُ.. أَرَادُوا
نَادَيْتِنِي "يَا أَنْتَ" ظَنُّوا أَنَّمَا
نَادَيْتِهِمْ، فَأَجَابَتِ الْأَحْقَادُ
هذا "أنَا"، لا "هُمْ"..أُكَابِرُ مَا أَرَى
مِنْهُمْ.. كَفَفْتُ مِنَ الْحُرُوبِ... فَزَادُوا
**
"سأصير يوما ما أريد..."
...