ما كان مني لها لا يضاهي ما كان لها مني ..
للوحدة حق على وحيدها بـ أن تطوقه بقوس قزح وأن تدثره بغمام الفرح ..
وللوحيد حق على وحدته أن يسفلت أرضيتها بفسيفسا أناه..وأن يمارس في ركنها الهادي تلاوة يوغا متربعا على كرسيه الهزاز دون ان يحدث صريرا يحرج السكينة .
وكم من أناه ستسقط على بلاطها ؟
وكم من دوائر مبهمة ستجبر على تكعيب أضلاعها ؟
وكم من جلاميد صخر سيذوب على ممرات الذاكرة لينسكب كل عهد حامل مسكه وحراب حسكه .
والوحدة وحدها آنية تستقبل هذا النزيف الآجل العاجل .
وكم من ثرثرة سيلجم فمها ملصق الصمت لأنه في حضرة الوحدة لا يجوز للصوت ان ينبعث بدخانه الآثم .
إذهبي أيتها الوحدة , باركك المولى فأنت هنا الملجأ والمأوى ولكل ما قبلك فناء ليس له مثوى .
في تقاطع الدرب تختبئ الحيرة وتتنافر الحكمة كجراد ملاحق بالمبيدات , قد تكون الوحدة دواء لا يصفه لك الطبيب ولا ينصحك بها الصديق , لكنها هي سيدة لحظتها ..
إما أن تخرج بك من باب الحياة أو تلج بك الى حانة البقاء ..
لتمنح نفسك فرصة للتوقف قليلا عن هذا الركض الذي سكب فحواه وفقد جدواه
ذلك الركض الذي يمسح المسافات بك وهو غارق بها دون أن يميز الذي كان سببا في زجه إلى زنزانة الوحدة المغلقة وبين فسحة من نور ضاعت عنه في وقت ما حين أراد فقط ان يستجمع بعثرته والنظر الى الأشياء من باب قلبه عله يصيب به كبد الحكمة ليرشق بدموعه صدر السماء ..
ولكن الضوضاء لم تترك للاشياء صوتها أو صورتها , فالصور التي أعتدنا عليها غير التي في مخيلتنا , والتي نتودد اليها عشقا للغموض النائي وقد نحترق فيها كـ ملامح المشتري ..
ظل السؤال يركن علينا ونسقط حين نظن بأن الصخر عقد اتفاقا مبرما بالايمان وأن لا احد يتدخل بخصائص الاخر ولكن الماء لم تلتزم واخترقت الصخر وبقي الصخر جامدا في دهشته وظل قاسيا دون مبرر وبقيت الماء منسابة حتى تتدخل في ما يعنيها وما لا يعنيها ولكنها حتما ترفض أن يتدخل بها أي ما كان .
الوحدة هي العقاب المبرم على الذات ولكنها في يقيني بأنها أقرب حالة وصفا بتقاطع الطريق الذي يوفر لك أكثر من خيار للاتجاه صوب وجهة ما ..وامامك أن تختار إما جهة تعي مساحتها ومدى تمدد انطباعك عن مدى استعيابها لك , أو جهة تفترض ان تكون لك مغامرة أقرب الى مقامرة وللصدف مواهبها الدفينة التي قد لا نعترف بها أحيانا لأننا نضع دوما في مخيلتنا فوبيا الخرائط ونهاب تحمل أعبائها علها لا تتفق وتكويننا ..
الوحدة دائرة مغلقة بالإضاءة , ينبثق منها جنين النور فترة حمل تولد بعض مخاضها الطويل القصير جسر الأمل ليعبر الذين عبروا باستحياء من حنايانا .
الوحدة مفوض رسمي عن صاحبه حين يضيق بالضوضاء التي تغرق بها رغم جفافها والموت ظمأ كفيل على حائط يتمدد فيه الضيق وتكثر فيه رؤوس متماثلة حد الاقتناع بالتناسخ.
ألوذ بالوحدة لا بالصمت ..فالأولى تطلق أجنحتي نحو فضاء أرحب وان كنت في صومعة بحجم وكر العصفور إلا اني املك حريتي في حيز مكاني لا يتسع لغيري ..
أما الثاني يطلق خلفي كلاب القنص وأقع في فخ اللغو..
فهي التي تنفد يدك من عوالق الندم ولأنك ستكون على صلة بك أكثر من صلتك بآخر يقودك إلى ورطة الرحيل الأزلي , ككائن مطارد من النور , خبزه الجائع لم يصل بعد الى فوهة التنور ..والماء يفقد خاصية الانسياب ويتجمد رغم اغتصاب الصيف مساحات الفصول والضوضاء لم تترك لنا شبرا في هذا الكوكب العليل بالحفر والتنقيب عن تعاقب تفاصيل الاستهلاك وعن محدودية أزمنة السبات وزمن المعاش ..سقط السؤال من الثغر واحتال على العقل ولكنها حرفة السؤال الواعي لما يجهله المسئول رغم جلوسه زمنا على الإجابة .
ولوحدة أمتنا شأن آخر.