كننتم وما زلتم نبراسًا يضيء لنا الطريق ، أيها الصامدون في غزة ، أيها المقاومون في غزة ، أيها الراحلون إلى قلوبنا المتعبة ، سلام الله عليكم أينما كنتم ، وحيثما توجهتم ، سلام عليكم ما دامت السموات والأرض ، أيها الشرفاء في زمن عزّ فيه وجود أمثالكم ، سلام عليكم وأنتم تنسجون بلحومك لوحة شرف وعز وكبرياء ، سلام عليكم وأنتم تكتبون بدمائكم الزكية قصصًا لم يروي مثلها التاريخ ، ولن يسمع البشر بمثلها ؛ سلام عليكم يا أبطال الدهر الذي فُقِدَ فيه الرجال ، سلام عليكم يا رجال أمتي ، سلام عليكم يا أطفال غزة هاشم ، سلام عليكن يا أمهات الشهداء، سلام الله عليكم و لن يضركم من خذلكم ، ولن ينال من عزمكم من تآمر عليكم ، ولن يرقى إلى طهر أحذيتكم من باع قضيتكم ، سلام عليكم يا أطهر من سار على هذه الأرض ، سلام عليكم أيها المجاهدون الشرفاء .
توكلوا على الله ، واعتصموا بحبل الله جميعًا ، وشدّوا همّتكم ، وثقوا بأنّ النصر سيكون حليفكم ، توكلوا على الله ، فهو خير حليف لكم ، وتحمّلوا قليلًا ، وكم تحمّلتم من قبل الكثير ، ماذا أقول لعجز بات يحملنا ؛ فوق أكفّ الضياع والوهن وقلة الحيلة ، ماذا أقول لحبيبات المطر وهي تنهمر فوق رؤوس عجزنا ، هل نحن نستحق كل هذا السخاء من رب غفور رحيم ؟ هل نستحق هذه الحياة وإخوة لنا يقتّلون في كل حين ؟ هل نستحق أنْ نعيش بعد اليوم في ظل وجود أبناء القردة والخنازير ؟ أيتها الأرواح المشتاقة للقاء ربها ، أيتها الأنفس الزكية الصاعدة من غزة إلى جنات الخلد ، هل سامحتمونا ؟ هل التمستم لنا عذرًا واحدًا يبرر عجزنا و سكوتنا المريب؟ أين سنذهب منكم ومن أنفسنا ؟ أين سنذهب بعد اليوم يا أطفال غزة ؟ يا أمهاتنا في غزة ، يا رجال أمّتي ؛ قد قتلناكم مرات ومرات ، وقد كانت كل السحب السائرة فوق رؤوسنا تحمل في طياتها أنباء تتوعدكم لتغدر بكم ، وها أنتم ترحلون في رحلتكم الأخيرة على صهوة خيل شُرفتم بامتطائها ، وها نحن سنبقى ولنموت في كل يوم مرات ومرات من بعدكم ، أنحسدكم على ما تفضل الله به عليكم ؟ أم نبكيكم ؛ ونحن في الحقيقة لا نبكي إلا أنفسنا وضعفنا وهواننا على حكامنا وعلى النّاس أجمعين ؟ أنقول وداعًا ؛ وهل الوداع يكفي لمحو العار الذي كبّلنا بعد أن خذلناكم ؟ أنقول سلامٌ عليكم ؟ وهل السلام يُقبل من أمثالنا وقد سكتنا عن نصرتكم ؟ يا ليت باليد حيلة ؛ يا ليتنا نستطيع فعل شيء مع أنفسنا ؛ يا ليتنا نستطيع أن نكون معكم ، يا ليتنا نحلُم بلقاء وجه ربنا كما فعلتم ؛ بوجه شريف نظيف لا يريد من هذه الدنيا إلا رضا الله سبحانه وتعالى ، بقلوب مؤمنة رضيت بما قسم الله لها ، يا ويح أنفسنا بأي وجه سنقابل ربنا ؛ وكيف سنكفّر عن ذنوبنا بعد أنْ خذلناكم .
أيها النّاس في كل مكان ، يا منْ تبقَ من النّاس ، غزة تحترق ، غزة تموت فينا ، ونموت فيها ، الله الله يا غزة ؛ لكِ الله يا عروسة الشهداء ، لكم الله يا شرفاء أمّتي ، ومن كان الله معه فلن يضره شيئًا ؛ فاصبروا واحتسبوا ، وشدّوا الهمّة ، وثقوا بأنّكم على الحق ودعوة الحق ، ومن كره الحق من أبناء هذه الدنيا فقد كره الله ؛ و الله هو الحق المبين ، فاستبشروا بنصر من الله ورضوانا .
سلام الله عليكم يا أهلنا في غزة ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .