لماذا نجعل غيرنا يفكر عنا ؟
لقد أغفل الكثير من البشر ( العرب والمسلمون ) عقولهم ، ووضعوها على الرفوف حتى اغبرت وبليت ، وأصبحت غير صالحة للاستخدام مباشرة ، لأنها معطوبة وتحتاج منا الصيانة ، وقد يصل الأمر إلى الفورمات ، ولن أقول تغيير الهارديسك ، بل سنغير أحيانا المعالج ليتناسب مع معطيات العصر .
وما ذاك إلا لأنا تركنا غيرنا " يسردح بنا ويمردح " ، ويرفع ويخفض ، ويربطنا في أعناقنا ، ويسوقنا سوق الضأن ، حسب رغباته وميوله هو ، ونحن لا نملك من أمرنا شيئا ، سوى السمع والطاعة والرضوخ لهم ، بل والذود عنهم بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ، فيأتون هم بالطوام ، ويدعونا ندافع عنها بدلا عنهم ، فيما يفكرون هم بطامة أخرى ، يلقونها علينا لنتلقفها لاهثين وندافع عنها شرسين .
إن الذين سعوا وراء هذه المكيدة ، قوم من بيننا ، اتسموا بالدين في الغالب ، وأحاطوا أنفسهم بأدلة تكون في صفهم عندما يحاول أحد من عامة الناس أن يفكر ويُعمِل عقله ليرد على خَربَطتهم .
وقد وضعوا لأنفسهم دليلا جعلونا نعتقد من كثرة استخدامهم له ، وعدم القبول بالطعن في هذا الدليل المحكم ، أنه من آيات القرآن الكريم ، وتارة أنه حديث قدسي ، وتارة على أنه حديث نبوي ثابت الصحة سندا ومتنا ، وتارة على أنه حديث موقوف على أحد الخلفاء الراشدين المهديين من بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي النهاية يكون من أقوال عالم مشهود له بالعلم ، ولكن أكثر المسلمين لا يعرفونه ، ألا وهو ابن عساكر ، والقول المأثور عنه هو : ( لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في منتقصهم معلومة ) صدق ابن عساكر .
إلى متى نتقبل كل ما يلقى به علينا بدون أن ننظر وندقق النظر ، بل ونرد ما خالف ما نعرفه من حق ، حتى يستدلوا باستدلال واضح الدلالة ، لا كما يفعل الباطنيون ، للعامة الظواهر من الامور ، وللخاصة والعلماء بواطن الأمور وخفاياها .
تنمروا حتى يعتدلوا ويتركوا فسادهم ، وليكونوا صالحين قبل أن يكونوا مصلحين .
فمن هم خير منهم من الصحابة العلماء تم الرد عليهم ، بل وإيقافهم عن أخطائهم حتى يعودوا إلى الحق المرتبط بالدليل ، وأشهرها رد المرأة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .