فإذا لم تكن القلوب مخلصة لله الدين : عبدت غيره ; من الآلهة التي يعبدها أكثر الناس مما رضوه لأنفسهم ، فأشركت بالله بعبادة غيره واستعانته ، فتعبد غيره وتستعين به لجهلها بسعادتها التي تنالها بعبادة خالقها والاستعانة به ، فبالعبادة له تستغني عن معبود آخر وبالاستعانة به تستغني عن الاستعانة بالخلق وإذا لم يكن العبد كذلك : كان مذنبا محتاجا وإنما غناه في طاعة ربه وهذا حال الإنسان ; فإنه فقير محتاج وهو مع ذلك مذنب خطاء فلا بد له من ربه ، فإنه الذي يسدي مغافره ولا بد له من الاستغفار من ذنوبه . قال تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك } فبالتوحيد يقوى العبد ويستغني ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله وبالاستغفار يغفر له ويدفع عنه عذابه { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } فلا يزول فقر العبد وفاقته إلا بالتوحيد ; فإنه لا بد له منه وإذا لم يحصل له لم يزل فقيرا محتاجا معذبا في طلب ما لم يحصل له .
[ مجموع الفتاوى ج 1 ص 55 ، 56 ]