سلام الـلـه عليكم
الاخت الفاضلة الاديبة وفاء خضر ( دخون )
قراءة سريعة في قصة
"قبضة من حبات الزيتون"
للأديبة وفاء خضر
"قبضة من حبات الزيتون " , نص ادبي ذو خصائص عالية المستوى , فمما لاشك فيه , أنه لابد للقاىء ان يبهر بهذا المستوى اللغوي المتين , الذي ميّز المفردات والعبارات والمتون , فقد شعرت انني امام اديبة تمكنت من ادواتها بشكل لافت , وقد ساقت النص , بمهارة وحرفية , مركزة على الرمز والهوية , مستخدمة صورا غنية نابضة :
"جلست القرفصاء تلتقط حبات الزيتون المبتلة برذاذ المطر المتساقط "
"تضعها في حجر ثوبها المطرز باللون الأخضر والأحمر "
"ذلك الثوب الفلسطيني الذي عرف بتميزه بدقة فنه بالتطريز، وأشكاله الجميله ، وألوانه التي تتعدد لتشكل لوحات فنية "
وقد اعجبت جدا بهذا التداعي , المرتبط بالحاضر , بعفوية وقوة غالبة , ليشكل ربطا لخيوط المسرح الزماني , وربما يعود ذلك الى الرغبة , عند الاديبة القاصة , في التعبير عن الحالة , وايضاح انها مازالت مستمرة , فالماضي هنا هو الحاضر , فما تزال الصورة المتداعية تتكرر , يوما إثر يوم , وساعة إثر ساعة , طالما بقي الاحتلال , وبقي جرم اغتصاب الارض والمقدسات قائما :
" حيث كان امتداد أرضها قبل أن تأتي الوحوش المجنزرة لتقتلع أشجار الزيتون من أرضها ، تلك الآرض التي اغتصبت عنوة ، واقتلعت منها أشجار الزيتون ، الأرض التي كانت مهرها ، والتي شهدت صباها وشبابها ، شهدت قصة حبها وزواجها ، وكيف كانت كلما أنجبت ولدا تزرع له شجرة في تلك الأرض تسميها باسمه ، شجرة فلان .. "
ولابد لي من الاشادة بقوة الربط , بين اعز ما تملكه المرأة , من ذكريات وهو مهرها وحفلة عرسها , بالارض واغتصاب الارض , ثم عملية الربط بين غرس الاشجار , كل باسم مولود , وبين اجتثاث هذه الاشجار بواسطة المجنزرات , انه ارتقاء غير عادي باسلوب القص , ثم للاسف ارى أن
مستوى التوتر في النص , وقوة البناء والمساق , قد انخفض قليلا , عندما جاء في القصة , صورة اخبارية اعلامية , ليس لها نفس الوقع اللافت , الذي ميّز بقية متون القصة الرائعة :
"وهي تعمل على جمعها لتقوم بعد ذلك بعملية الفرز .
هناك حبات كبيرة ، وهي لخاصتها من أبناء وأحفاد ، والوسط منها مونة السنة للبيت أما التي لا تصلح لذلك ، تتركها للعصر ، حيث يستخرج منها الزيت . "
واخيرا جاءت النهاية مدهشة بشكل لايصدق , ولو كتبت الخاتمة لوحدها , بغياب بقية مساقات النص , لكانت قصة رائعة جدا :
"استيقظت من أحلامها ، فزعة لا تدري أين هي ، فتحت عينيها المثقلتين بالحمرة على سقف غريب ، حجب عنها زخات المطر ، أنواره غريبة ، وأصوات تنبعث لا تفهم لغتها ، وأسلاك وأنابيب تمددت لتقيد جسدها المبتل في فراش ليس فراشها ، حاولت أن تتحرك لم تستطع ، كانت تحكم قبضتها على شيء ما ، فتحت يدها لتنظر فيها ، لا زالت قبضة من حبات الزيتون بيدها ، قد غسلتها قطرات المطر .
والله لزرعك بالدار .. يا عود الزيتون الأخضر
وأروي هالأرض بدمي .. لتنوّر فيها وتكبر "
تقبلي احترامي وتقديري
اخوكم
السمان