تقضي الساعات الطوال مترنمة أيامها السريعة , ويلاعب جفنها الرموش المتقطعة تحمل الأحلام بين جوانحها , ومتضمخة بالمستقبل الموشح بالسراب وتدندن بين فينة وأخرى مستلهمة أهزوجة لازالتْ تُسْمِعُ دقات قلبها " تك 00تك 00تك " وبالكاد تفرج من شفتيها مخرجا لعبور ضيق من حنجرة متلطمة بالحروف :ـــ
سوّاقَنَا فَنْي فَنْي
سواقنا رِكِبُهْ جُنْي
لم يدر بخلدها ولو للحظة أن حياة الشقاء غُمِسَتْ منذ أن رددت هذه الأهزوجة ! ودخلتْ " رغما عنها " عالم الخيال وأشياء تعدُّ من المِحال ! لازالتْ تتذكرُ أيام الطفولة وهي تقول : يا للحظة الطفولة ما أجملها ! , وهي محلاه بالشيطنة 00أتذكرُ عندما انزلقتْ قدمي من أعلى "الرعش" متدحرجة من درجنا الحجري وكنتُ أصرخ 00ولم يتلقفني سوى بقرتي وثورها وماعزي كنتُ أحبُ اللعب معهم هذه " تلوقني بلسانها " وتلك تدفعني برأسها ياه ما أجملها من لحظات !ّ! لم تكن تعلم أن القدر كان يخبئ لها شيئا 00تتلذذُ بشيئين اثنين القلم والورق تدون فيه كل ما أسعدها أو أغضبها, وأصبحا روحين في جسدها كانتْ مدرستُها ملاذا آمناً وأُعْطِتْ بسطة في العلم وروعة من جمال ففاقتْ أقرانَِها في كل شيء مارستْ طقوسَ النجاح بلا كلل أو ملل 00وكانتْ تحلمُ بفارس أحلامها وحصانه الأبيض كأي بنت تقارب مستقبلها بخيالها الجانح 00وفجأة تغير كل شيء في حياتها وأصبح نهارُها ليلاً وليلُها نهاراً !
تسللتْ يدُ عابث من أخوتها في دفاترها الخاصة وفيها من بعض خواطرها البريئة وبعض من مشاعرها النبيلة فثارتْ ثائرة أبيها وبدأ يمارس عضلاته من رفس ولطم ولُكَمٍ حتى جثتْ على ركبتيها وخارتْ قواها فاقدة وعيها دون حراك وأمها تصرخ 00عطرة حبيبتي عطرة 000ولكن دون جدوى وفورا أتوا مسرعين " بطارد العفاريت" وبدأ يقرأ القرآن ومع كل مقطع ينهال على جسها المتورم بالخيزران قائلا : أخرج 00 هل أنت أصم أم وأبكم ؟! حتى من كثرة صياحه ونفثات ريقه فاقت على ريح البصل وعينين محملقتين زاد من صراخها أكثر وأهلها " يهللون ويكبرون " هذا الموقف بات مؤلما لها كرهت من أجله كل شيء يدعوها إلى التفاؤل بالحياة ! كثر على بيتها القرّاء 000 وطرقوا كلَ الأبواب وتناسوا باب القريب المجيب سبحانه ! وفي لحظة صمت في ليل مظلم قررت الرحيل وهامت على وجهها في ملكوت الله في مغارة تمارس هوايتها وعشقها الأبدي تلتحف السماء وتتوسد الأرض وتكتب 00 وتكتب00