"ظلال الرصاص قبل وبعد التعديل ..."
للقاص الفذ:محمد سامى البوهى
في محاولة منى لإلقاء ظلالٍ ضعيفة واهية على رائعة أتت كالشمس إلى صفحة القصة ..
العنوان ..
وفق الكاتب إلى ابعد حد في اختيار عنوان لرائعته فقد غرس باختياره قنبلة منزوعة الفتيل في ذهن المتلقي جعلت ذهنه متقداً مستيقظاً منتبهاً لاستقبال حدثٍ جدٍ خطير وعندما تنسب لفظة " الظلال" للرصاص فذلك يدل على كثرة الطلقات وسرعتها وفوضويتها في الوقت ذاته .
اللغة :
..جاءت مناسبة ومتناسبة مع الجو الصراعي المحتدم.
الألفاظ والتراكيب:
..جاءت قوية .. معبرة .. شيقة .. وبالرغم من كونها كانت مبالغة إلى حد ما لكنها كانت متكاملة الأبعاد .. ضرورية وملحة للجو الإنتفاضى التظاهري .
الحركة :
..كانت متعددة وصاخبة .. بها شيء ما من المبالغة وخرج بها الكاتب من الأحادية إلى التعددية المفرطة بالرغم من ذلك كانت ملائمة تماماً وضرورية لجو القصة .
الصوت :
..كان تصورياً عالى الوترية جاء كموسيقى تصويرية رائعة ومعبرة لفيلم من أفلام الحركة .
التعقيب ...
تجتمع كل الأدوات السابقة لتكون شهقة من شهقات الكاتب الإبداعية فالجو التظاهري الذي يخلو من كل العاديات والمألوفات لابد وأن تكون أدوات التعبير عنه موحية وموازية لكل الصخب داخله حتى تقنع المتلقي بالتعايش معه .....مزج الكاتب هنا كل أدواته بالأبعاد الثلاثية المكانية والبعد الرابع الزمني فخلق أمام عين وذهن المتلقي شاشة عرض ..حبس أمامها المتلقي أنفاسه وهو يشاهدها رأى العين كأنه يشاهد فيلماً بأبعاده الرباعية الكاملة .
النهاية قبل التعديل ...
{منظومةٌ لا تخمد إلا بذوبانِ الرؤوس ، جنودٌ وبنادق...رصاصاتٌ وعِصِّي... أصفادٌ وعربات ، لايهمُ أي شيء ، المهم تأمين العرين ، لمْ يعدْ سوى خمسةٍ منْ الرجالِ ، البحرُ يرتفعُ بأحْشَاءِ الحَقائبِ ، والبطونِ الخاويةِ ، اقتربَ منْ أنفاسِهم ، نأتْ عَنهم ظلالُ الرصاصِ ، اختفتْ أنصافُ أنوفِهم ، لمْ يعدْ سوى أربعةٍ من الرجالِ ... ثلاثةِ رجال... اثنين ... بقى رجلٌ واحدٌ ، وأخيراً أمامَ العرينِ ... تمسكَ بالأسوارِ للنجاةِ منْ الغرقِ ، آلافُ الظلالِ تنطلقُ ... آلافُ الرصاصاتِ تنطلق .... غرقَ في بحرِ الترابِ ، وبقيتْ يَدُه مُعلقة}
بالرغم من أن النهاية جاءت تعيسة ومثبطة لحلم وأمل يتسوله المتلقي داخل جنباته.. إلا أنها جاءت واقعية تماماً ومتوقعة لهذا الجو التظاهري الصخب والفوضوي المحكوم بقوة غير متكافئة لسببين ..
أولا .. قوة الرصاص كانت هي الحكم في هذا العرض وقوة الرصاص لا تحكمها ضوابط.. فالرصاص طائش وفى هذا الجو المحتدم الموت هو النهاية الحتمية ..
ثانيا .. اختيار لفظة "العرين " كانت موفقة للغاية فالعرين بيت الأسد والشجاعة واحدة من صفات الأسد الشهيرة لكن هناك مثل واقعي لا يختلف عليه اثنان أن "الكثرة تغلب الشجاعة "فلابد أن يكون مصير هذا الأسد الشجاع في خضم كل ما سبق هو الموت المؤكد .
النهاية بعد التعديل...
{منظومةٌ لا تخمد إلا بذوبانِ الرؤوس ، جنودٌ وبنادق...رصاصاتٌ وعِصِّي... أصفادٌ وعربات ، لمْ يعدْ سوى خمسةٍ منْ الرجالِ ، البحرُ يرتفعُ بأحْشَاءِ الحَقائبِ ، والبطونِ الخاويةِ ، اقتربَ منْ أنفاسِهم ، نأتْ عَنهم ظلالُ الرصاصِ ، لمْ يعدْ سوى أربعةٍ من الرجالِ ... ثلاثةِ رجال... اثنين … بقى رجلٌ واحدٌ ، مازالَ يقاوم ... ، يغوصُ في الأعماقِ ، ترتفعُ رأسُه بشهقةِ الحياة ِ، أخيراً أمامَ القلاعِ ... تشبثَ باللافتاتِ ... ، قبضَ بيديه على الأسلاكِ الشائكةِ ، تسلقَ غرورَ الأسوارِ، آلافُ الظلالِ تنطلق ...تَعثرتْ قدماه بالنتوءاتِ ،تأرجحَ جسدُه ، كادَ أنْ يسقطُ للخارجِ... قفزَ نحو الداخلِ.}
بالرغم من كون النهاية جاءت متفائلة دغدغت الحلم داخل قلب المتلقي وعانقت الأمل داخله.. إلا أنها فجرت القنبلة الموضوعة مسبقاً داخل ذهنه تاركة داخله شعوراً بعدم الراحة والاقتناع فقد جاءت النهاية له ..مخالفة وبشكل واضح لكل الجو الإنتفاضى والفوضوي الذى عايشه.. فتركت تشويهاً في جمال الحدث وروعته .
أيها القاص العبقري ..
اختلاف الآراء وتعددها يفتح لعقولنا طاقات من النور فتجعلنا نتعلم ونتعلم ..
هي همسة أهمسها هنا على هذه الصفحة ولك كل الحرية في أن تسمعها أو تصم أذنيك ..
ظلا ل الرصاص قبل التعديل هي ...
" فلتة بوهية لقاص التفاصيل "
تحية وشذي
الوردة السوداء