قصة قصيرة
حلم بعيد المنالإهداء:- إلي صديقي الذي أتمني أن يفهم الرمز
" قالوا عنه أنه طفل صغير عابث يمسك قوسا وسهاما ذهبية فقرر أن يكون كما قالو رغم أنه خلق لهدف أسمي من أن تدركه العقول القاصرة "
**************
تنساب الدموع من عينيه فتنعكس عليها أشعة القمر الفضية فتعطي إضاءة لطيفة في حجرته الصغيرة التي يحيا فيها وحينما يلتفت إليه قاطني الحجرة يداري دمعه ويبتسم ثم يعود فيتذكر ما به فتجيش نفس بالبكاء ، ولو كان لنا أن نتسلل مع أشعة القمر إلي الحجرة لنعرف أكثر عن ذلك الباكي لوجدنا عجبا ، فما هو إلا لعبة صغيرة ملقاة بإهمال علي أرضية الحجرة المنظمة ،تدل ملامحه علي أنه بهلوان يقوم بألعاب ترسم البسمة علي وجوه الأطفال وإذا سمحنا لأنفسنا أن نتسلل داخل أعماقه لازددنا عجبا فقد كان حلمه وهو في مصنع اللعب أن يأتي إلي هذا البيت فما من لعبة إلا وتعرف ذلك الطفل الذي يحيا هاهنا والقادر_بإذن ربه_ علي إسعاد جميع الألعاب ، ولطالما سهر ذلك البهلوان يفكر في الطفل الصغير ويبتهل إلي الله لعله يستجيب فيعيش في ظله متصورا أن الحياة السعيدة لن تكون إلا في كنف ذلك الطفل الصغير ولم يكن البائس يدري أي عذاب ينتظره ، لم يكن يعلم أن مصيره الإهمال وظلت أعماقه تحترق وهو يري الطفل الصغير يعامله بقسوة شديدة بينما يحن علي آخرين ونظر إلي أعلي رف في الحجرة فوجد لعبة صغيرة متكونة من دبين يحملان اللون الأبيض ويربط بينهما قلب أحمر كانت تلك اللعبة التي حملتها يد الطفل إلي أعلي مكان في الحجرة هي مصدر عذابه فلطالما حلم أن يكون مكان هذا الدب ،وفي أثناء تلك التأملات التقت عيناه بعيني الدبة فابتسم ابتسامة شديدة وقام بحركة بهلوانية أضحكتها ، وآه لو قدر لنا أن نعرف مشاعره الآن إن عذابه لا يوصف بسبب حياته المزدوجة التي يحياها في هذا الركن من الحجرة إنه يحمل قلبا جريحا نتيجة سهم أصابه به ذلك الطفل الصغير وكانت قطرات الدم تترسب في أعماقه فلا يستطيع إخراجها إلا ليلا علي هيئة شلالات منهمرة من الدموع ولكن منذ متي كانت الدموع علاجا للجروح ؟
ربما كان ذلك البهلوان يعرف علة جرحه ولكنه يخشى أن يصارح نفسه بها فهو يفضل أن يظل ملقي بإهمال تنظر إليها الحبيبة من عليائها فتضحك ثم تنساه وتعود إلي حبيبها لتكمل حياتها السعيدة علي أن يصارح نفسه فيطرد خارج الحجرة وهو لا يدري أن السعادة التي يبحث عنها تنتظره لو أنه صارح نفسه ومادام هو يخشي من المصارحة فلنخبره نحن :- يا عزيزي البهلوان إن الطفل الصغير لايهب السعادة إلا إلي القادرين علي الوقوف في وجهه وتحديه فاخلع عنك هذا الثوب المضحك وانزع معه هذا السهم من قلبك وغادر الغرفة سريعا وستجد أن ذلك الطفل يجري ورائك ليضمد لك جراحك ويهديك تلك التي لا تتصور وجودها ويربط بينكما بقلب صغير ويرفعكما بيده _لا إلي قمة الحجرة _ولكن إلي السماء وساعتها لن تكون هناك دموعا تنعكس عليها إشعة القمر .
تمت بحمد الله