رحلتَ و في وجهكَ تقاسيم الصباح
هنيئًا لكَ الحياة أخي عدنان الكريم , هنيئًا لكَ تحقق أمنيتكَ الغالية , هنيئًا لنا ملامسة روحكَ الطيبة و رذاذ كلماتكَ المورقة, رحلتَ أخيرا إلى عُليا البقاء و تركتنَا في دنيا الفناء نبكي ضعفنا و قلة حيلتنا و يعصرنا الألم القاتل لنموتَ في اليوم ألف مرة..
فلتفرح بما أتاكَ الله و لتنعم بلذة الحياة و فاكهة البشرى ,و لتذكرنا عند ربكَ في مقامك الكريم ,اخترتَ الخضراءَ مقاما لكَ في افتراضك , فكتبتَ من كلمات التفسير أطيبها و من أبياتِ الشعر أعذبها و من خطوط النثر أجملها , فكنتَ ناثرا و شاعرا و داعيا و موجها و ناصحا مرشدا ...
و كأني ّ بالخضرة تغلفُ شغاف قلبكَ و تحتلُ مواطن روحك منذ البدء ,و كأنّ قدركَ أن تعيش و تموت في اخضرار .
رحلتَ و في وجهكَ تقاسيم الصباح , فقد أشرق يومكَ و ها أنتَ تلامسُ بروحكَ الآن نسمات عطر ندية , بينما نحن في عتمة أيامنا ما زلنا نصطفُ كجياع على عتبات خبز أسود , و القوي يقتلُ منا الضعيف , و تنهشُ من لحم عروبتنا أنياب التخاذل , و تتوقُ كرامتنا للحرية من قبضة جبننا الساخر .
رحلتَ كريما إلى بيتك الطاهر , و تركتنا في بيتٍ محطم , تحوطه الذئاب و تسوسه بمكر الثعالب , و القطيع يئنُ في خوار متثائب , و الكلابُ تنبحُ و ستظلُ تنبحُ بدون مكاسب.
هنيئًا لكَ فقد نلتَ الحياة , بينما رقص حكامنا رقصة العراة الحفاة و بدم أبناء غزة ندّونُ اليوم و غدّا على جدار التاريخ مشهدا جديدا تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل , و وصمة العار على الجبين العربي .
إلى رحمة عزيز مقتدر, بينما نحن ها هنا نحيا على سكرات العروبة التي تحتضر , و على ثورة الصراخ فلعلهُ ينتصر.
و لكن شتان بين ترتيلكَ و صراخنا و بين حمامكَ و أفراخنا و بين نعيمكَ و عذابنا,شتان بين الحياة و الموت
رحمك الله و أسكنك دار النعيم