لميس ( 2 ) :
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
لميس
كم
أرسلتْ من لعابها عسلا ، فاحْلَوْلى على إثره الحنظل .
وكم
نظرتْ بعين كعين المها ، فاحْرَنْجَم في أحداقها السحر .
ثم أدبرت باناة كالحُجْر ، فاجْلَوّذ شطر أنثاه الفرس .
وكرّتْ تظهر على الإناث فانطادت بحسن ، وافْرَنْقع من مهده النّكر .
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
وصُمّتْ منا عن غيرها الأسماع ، كأنّا لما دونها جعلنا أصابعنا في آذاننا واستغشينا ثيابنا وأصررنا على ذلك إصرارنا ! .
وغُلّقت القلوب ،،، كأنّي لصيغة المفئود برهانا ،،، وكأنها لآية الفتك مثالا .
وعميت الأبصار ،،، فلم أر إلا الورد ، كيف أقاح من سُلاف خدّها ،،، وقد عجبتُ ! .
والعَرَق كالمسك ، كيف عبق من شَوَاها ،،، وقد ذُهلتُ .
وهل الأرحام دفعت كمثلها ؟ أو الأصلاب أقلّت بمثلها ؟ ،،، فقد شككتُ .
فجعلتُ أعبّ من سحرها كالطير قتله الصدى ،،، حتى ثملتُ .
ثم
أقبلتْ بغلالة من اللاذ ، وبأشفار كساها الكحل ،،، فشاقها الود وألهبها الجوع ! فاغرورقت ثم هَتَنَتْ ، فأروى الدمع من جانب خدها أسيلا .
ثم بدت أخرى ،،، كباكِ مكحول قرّحت أجفانه ليالي السهد تُضرّمها حرقة الجفاء .
وشفاه ملاطها الحُمْرة ترعّدُ طورا ، ويرعد لِحْيها حينا ، كأنه يُحَزّ لِيُقطع ، وكأنه يستجمع ليتفرّق ! .
فقلت لها : اقتربي يا حبيبتي .
فأحجمت غير أن الإقدام غلبها ،،، وتماسكت غير أن الترنّح شابها ،،، كأنها أضحت بريح قُرْقُفٍ خَمَرتها وشلّت عقلها ساعة من نهار ! .
فما أن اقتربتْ ،،، وصرت أسمع زفير أنفاسها ، حتى أجهشتْ ! ،،، فوضعت يديّ على خدّين أنورين ،،، وقلت والرجاء رديف السؤال : أأضمّكِ ؟
أجابت والرفض سائق ما يليه : لا !!!!!!!!!!! .
قلت : لم ؟
قالت : أين ياء ملكيّتك ؟؟؟ .
قلت : أية ياء ؟
قالت : لِمَ لَمْ تقل : أأضمّكِ يا حبيبتي ؟ .
قلت والعشق يحتويني احتواء البطن للجنين : أأضمّكِ يا حبيبتي ؟
قالت والقبول يقود الوفاق : ضمني ضمّة رؤوم ،،، احترفت الحنان وأتقنت السهر لتهترئ على وليدها ذوبانا .
ففعلتُ ،،، وما أن أحطتها بأذرع الرجولة حتى تأوّهت لألم مسّ ظهرها .
فقالت : رفقا أيها الرجل .
ثم أغمضت عينيها كخشف أغنّ رام صدرا دافئا ،،، وكجُؤذر أمِنَ صولة السّبُع ،،، ثم تمتمت بكلمات كأنها سكرى ، وألقى عليها الهُيام ما ألقى ، فأخذتها سِنَة من نوم فغُشي عليها .
وتأملت المُقل كيف غُيّبت تحت ستر من الأجفان ،،، وحُجِب عنها الوعي كما حجب عن الصغير الرشد .
ربّاه ،،، ما هذا الوجه ؟! .
فدمّثتُ لها الأرض تسوية ، وجعلت لها من بعض ثيابي ما تتّسِد به ، لعلها تهنأ بنومها .
فصارت تتقلب ذات اليمين تارة ، وتنقلب ذات الشمال أخرى ،،، كأني أنظر إلى سهل ووهد بكشحها ،،، ثم لا يلبث النظر حتى يغريه الإتْهَام فيما يتقبّب من جسدها ،،، ناهيك عن ذاك الذي نتأ وانفجر كعبا كأنه سُلّ وجُمع من عِتَاقِ البشر ، ثم سُبِك وصُبّ هنا ،،، في هذا البدن وحسب .
وثابرت العين ترمقها حتى عَبَرت من خلالها إلى القلب الذي استبدّ بحبها ، حتى استوسقت لها من المكانة ما خوّلتها التربّع فيه ،،، ولا ينبغي لغيرها .
وبقيت في سُبات يضرب عليها وعلى جمالها البارع الذي لا مساغ للقبح فيه .
فانتابتني ساعتها نشوة الغيرة ،،، فجعلت أنظر في الأصقاع كخائف يترقب ،،، هل يرى ملكتي أحد ؟
وإن بدى أن لا أحد في الجوار ،،، إلا أني خفت خائنة الأعين ،،، فخلعت ثوبي وجعلته لها غطاءً ،،، وجلست ثم جعلت أضم إليّ جناحيّ أناضل البرد وأجاهد الريح .
وما مكثت ساعة حتى جاء الذئب ،،، فاقترب وقال بصوت خافت :
أهذه لميس ؟
قلت : نعم .
قال : سألتك يا حسين ،،، والكريم يجيب ؟
قلت : ماذا ؟
قال : أريد شمّها ،،، أريد أن أنتشي بريحها ؟
قلت : ستريعها لا أمّ لك ،،، دعها نائمة .
قال : متى إذن ؟
قلت : عندما تتيقّظ .
قال : ومتى يكون ذلك ؟
قلت : في ،،، لميس 3 .
ـــــــــــــــ انتهى ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
حسين الطلاع
10/2/2011
المملكة العربية السعودية – الجبيل .
: احلولى أي صار حلوا .
: احرنجم أي تجمّع وازدحم .
: اجلوّذ أي أسرع بنهم وهي للفرس خاصة ،،، والفرس هو الذكر وانثاه اسمها الحُجْر .
: انطاد أي طار في السماء ،،، ومنه أشتق المنطاد .
: افرنقع أي تفرّق بشدة .
: المفئود هو المصاب بفؤاده إصابة الحب والهيام .
: الشوى طبقة تحت الجلد مباشرة .
: الصدى هو العطش الشديد .
: الغلالة لباس رقيق كالقميص ، واللاذ ضرب من الحرير
: اغرورق أي امتلأ دمعا
: هتنت من التهتان وهو اسم للمطر كناية عن الدمع .
: باكِ مكحول أي سيلان الدمع ممزوجا بالكحل فيبدو أسود اللون
: اللحي هو أسفل الحنك .
: القرقف اسم من أسماء الخمر .
: أجهشت أي بكت .
: الالخشف هو ولد الظبية ، والأغن بحة في صوته .
: الجؤذر هو ولد البقر الوحش أو المها .
: السِّنة من أسماء النوم .
: الدماثة هي السهولة والليونة ، دمث أي سهل .
الإتساد أي إتخاذ وسادة للنوم .
: الوهد هو المنخفض .
: الكشح من أسماء البطن والخاصرة .
: الإتهام من أتهم نسبة إلى جبال تهامة أي المرتفع .
: العتاق من العتق وهم الأحرار الصفوة وهي في الأصل ( عِتاق الطير ) أي أشراف الطير وأحرارها .
: ثابر أي داوم .
: الرمق هو النظر باهتمام بكل تركيز دون النظر إلى أي شيء آخر .