بسم الله الرحمن الرحيم
من القواعد التي تتميّزُ بها روايةُ
ورش للقرآن الكريم : قاعدة (
تخفيف الهمزة بالنَّقْل) أو (
نَقْل حركةِ الهمزةِ إلى الساكنِ المنفصل قبْلَها) .
توضيح القاعدة (بإيجاز)
إذا وقعت
الهمزةُ بعد
ساكن منفصل (أي : من كلمة أخرى) غير حروف المدّ ، ينقُل ورشٌ
حركة الهمزةِ إلى
الساكن المذكور (أي : يُحرِّكه بحركتها) ، و
يحذف الهمزةَ لَفْظاً .
فمثلاً : (
قَدْ أَفْلَحَ) (
قُلْ أُوحِيَ) (
مِنْ إِمْلاقٍ) ؛ يقرؤها : (
قَدَفْلَحَ) (
قُلُوحِيَ) (
مِنِمْلاقٍ) .
ويصدُقُ هذا على (التنوين) أيضا : لأنه نون ساكنة . فمثلاً : (
عَذَابٌ أَلِيمٌ) ؛ يقرؤها : (
عَذَابُنَلِيمٌ) .
كما يصدقُ على لام (ألْ) ؛ لأنها كلمة مستقلّة المعنى . فمثلاً : (
إِنَّ الْإِنْسَانَ) ؛ يقرؤها : (
إِنَّ لِنْسَانَ) .
ملحوظة
هذا يذكّرنا بطريقة نطق عبارة (
Il a) بالفرنسية ، أو (
I am) بالإنجليزية ، على سبيل المثال .
فنحن لا نقول : (
إِلْ آ) أو (
آيْ أَمْ) ؛ بل نُطبّق قاعدة (
النقل) ، فنقول : (
إِيلاَ) و(
آيَمْ) .
(النقل) في الشعر العربي
إذا كانت قاعدة (النقل) هذه مِن أهمّ ما ينبغي تدريسُه للراغبين في تعلُّم رواية ورش ، فإنها مفيدة جدّا للشعراء أيضا . فقد يحتاجون إليها لإقامة أوزان بعض أبياتهم .
وهذه أبيات متفرقة ، لجأ فيها بعض الشعراء القدامى إلى ظاهرة (النقل) . وقد جمعتُها من هُنا وهناك ، ولم أتَوَخَّ فيها ترتيبا معيّنا .
(ملحوظة : عند كتابة حرف الألف ، الذي هو صورةٌ للهمزة المخففة بالنقل ، لا ينبغي وضع علامة الهمزة عليه )
يقول كعب بن زهير (من البسيط) :
أكْرِمْ بها خلّةً لَوْ أنّها صدَقَتْ *** موعودَها أو لَوَ انَّ النُّصحَ مقبولُ
تُلفَظ : (
لَوَنَّ) .
ويقول النابغة الذبياني (من الكامل) :
أمِنَ الِ مَيّةَ رائِحٌ أو مُغْتَدِ *** عَجْلانَ ، ذا زادٍ وغيْرَ مُزَوَّدِ
تُلفَظ : (
أَمِنَالِ) .
ويقول مجنون ليلى (من الطويل) :
أُحِبُّ من الأسماءِ ما وافَقَ اسْمَها *** أوَ اشْبَهَهُ أوْ كان مِنهُ مُدانِيَا
تُلفَظ : (
أَوَشْبَهَهُ) .
ويقول مجنون ليلى أيضا (من الطويل) :
ودِدتُ – على طِيبِ الحياةِ – لَوَ انَّهُ *** يُزادُ لِلَيْلى عُمْرُها مِن حياتِيَا
تلفظ : (
لَوَنَّهُ) .
ويقول عنترة (من الكامل) :
ولقد خَشِيتُ بأنْ أمُوتَ ، ولمْ تَدُرْ *** للحربِ دائرةٌ على ابْنَيْ ضَمْضَمِ
الشّاتِمَيْ عِرْضي ، ولمْ أشتِمْهُما *** والنّاذِرَيْنِ – إذا لَمَ الْقَهُما – دَمِي
تلفظ : (
لَمَلْقَهُما) .
ويقول المتنبي (من الكامل) :
لَوْ بانَ بالكَرَمِ الجَنينُ بَيَانَهُ *** لَدَرَتْ به - ذكَرٌ أمُ انْثَى - الحامِلُ
تلفظ : (
أَمُنْثَى) .
ويقول المتنبي أيضا (من المتقارب) :
بها نَبَطِيٌّ مِنَ اهْلِ السَّوادِ *** يُدرِّسُ أنسابَ أهْلِ الفَلا
تلفظ : (
مِنَهْلِ) .
وتقول سُعدى بنت الشمردل الجهنيّة (من الكامل) :
ولقد عَلِمتُ – لَوَ انَّ عِلماً نافِعُ- *** أنْ كُلُّ حَيٍّ ذاهِبٌ فمُوَدّعُ
تلفظ : (
لَوَنَّ) .
ويقول جميل بثينة (من الطويل) :
وإنّي لأرْضَى مِن بُثَيْنَةَ بالذي *** لَوَ ابْصَرَهُ الواشي لَقَرَّتْ بَلابِلُهْ
تلفظ : (
لَوَبْصَرَهُ) .
ويقول جميل بثينة أيضا (من الطويل) :
إذا فكَّرتْ قالت : قَدَ ادْرَكْتُ وُدَّهُ *** وما ضَرَّني بُخلي ، فكيف أجُودُ ؟
تلفظ : (
قَدَدْرَكْتُ) .
ويقول النمار بن أوس العدوي ، يخاطب معاوية (من البسيط) :
إنّي وإنْ كانَتَ اثوابي مُلفَّقةً *** ليستْ بِخَزٍّ ولا مِن نَسِْج كتّانِ
فإنّ في المجْدِ همّاتي ، وفي لُغَتي *** فصاحةٌ ، ولساني غيْرُ لَحّانِ
تلفظ : (
كانَتَثْوابي) .
ويقول قيس بن ذريح (من الطويل) :
أتَصْبِرُ لِلبَيْنِ المُشِتِّ مع الجَوَى *** أَمَ انْتَ امْرُؤٌ ناسي الحياةِ فجازِعُ
تلفظ : (
أَمَنْتَ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته