في ذكرى الميلاد للمدى العقيم.. إسماعيل القبلاني
أهدي هذه القصيدة إلى العام الذي خلع كل الفصول والأزمنة وسكن فصلاً واحداً يسمى الربيع العربي.
وإلى المسيرة التي عبرت كوكب الموتى بين مجدافيها الحياة, وبكل شرف سميت " مسيرة الحياة ".
^^^_*_^^^
.. عامٌ جديدٌ يحترقْ
والناسُ مثل الناسِ لا يتغيرون
هم في الخطى يتناسلون !.
وحبيبتي ماتت هناك بلا شجون
والعشق يغزوا بالثكالى آهةٌ
وقد تكون ولا تكون !
والصبح غاوٍ في الدجى والليلُ يخْتزلُ الفنون !
تاهت بنا أجسادنا
وتفرقت أحلامنا..
أشواقنا..
والعمر ممتدٌ بلا تأريخ في زمنٍ تساقط هارباً
ومن يكون ومن نكون ؟!.
في أفقِ خارطة المنون
والحزن تجمعه السجون
عشنا وتهنا ثم متنا ..
.. والمدى في الأفقِ مشتعلاً بميلادِ الجنون
في التيه مبتهلاً بأعماق العيون
والأفق مرتحلاً تشيعه الجفون
وتوقفت أقدارنا
وقد نكون ولا نكون !
.. عامٌ جديدٌ يحترق
والموت جاثٍ في صدور الناسِ
حتى تنطبق !
ماذا هنا غير الفناء ؟
يا لوحة الأقدارِ ضاعت ريشة الحكامِ
في الشره النزق !
هذي الزوايا عتمة الماضي يؤجج نارها وطني الجريح
ونزفه الماضي الزلق !
وطغاتنا .. عاثت بهم نيرانهم
وهم على آهات من ماتوا على أنات هاتيك الطرقْ
.. عامٌ جديدٌ يحترق
إلاكِ جئت لنا لنا, فتسرمدت كل الدنا
والمتعبون من الأنا
يا ساحة التغيير مروا من هنا
ضاعت بهم خطواتهم وتجعدت في المنحنى
وزهرتي..
وهناك والأرجيلة التي على نيرانها سنواتنا.
فتأوهت وتكاسلت خطواتنا
وبلادنا .. قالت لنا :
لا ضوء يا تأريخ يشرق مثلنا
من قبلنا أو بعدنا
.. ثرنا إلى التأريخ في ميلاده أجيالنا
وبلادنا, وبلادنا !.
.. عامٌ جديدٌ يحترقْ
وهنا المدينة التي انتفضت من التأريخ في وجع المدى
(تعزٌ) تقاتل في شمائلها.. الردى !
والكل مرتقبٌ على آهاتها وقع الصدى
مترقباً موت الخطى
مترقباً وجعاً لميلادِ المدى
ماذا هنا تترقبوا ؟.
فهي المدينة التي خلقت لتشييع العدى !.
.. عامٌ جديدٌ يحترقْ
لا غاز لا بترول حتى أنهم جاؤوا وقد سرقوا الحطب !
سرقوا الخطب
سرقوا جروح الناس في ميلادهم
أسفي هنا : يا ليتهم يتألمون
يا ليتهم يتألـــ.... فتبخرت وجراحنا
وجراح هذي الأرض في ذواتنا لم تنتحب !
... عامٌ جديدٌ يحترقْ
وعلى المدى تسجرت بنا صدورٌ فاتناتْ
يا ويلها زأرت بنا.. أنيابها شجن الطغاة !
بل ويلنا قد شيعت.. وبلا حياة !
بل ويلنا عشنا على أنفاسنا نفس الممات.
والناس في أقدارهم مستسلمون
وعلى عقولهم طغى زمن السبات
وسفينة الأقصى تغادرهم إلى بحر الجناة !
يا أيها الربان قف !!
فتأوه الشجن الجريح بآهتين من المدى ومن الصِلات !
ودعا إمامٌ في صلاتنا على وجع الصلاة.
ومآذن الإسلام تصدح بالشتات .
... عامٌ جديدٌ يحترقْ
والموت ميلادُ العضات .. !
يا ويحها أعمارنا
الموت والميلادُ والإنسان والحزن الذي عشق الحياة
بل ويحهم أذنابنا في الموت يرتحل الطغاة
بل ويحها أفكارنا
ما الموت بالماضي أتى كالموت للآتي زكاة !
في الموت ميلاد السنين الناعسات
وتموت المسافات التي وضعت على الأيام كاهلها لتعبر بالذوات !
.. عامٌ جديدٌ يحترقْ
هل أصبح الميلاد موتٌ للجنين ؟
والموت ماضٍ في طريقِ الموتِ في رحم السنين !
فتلفض البحر المجمد بالحنين
وهنا كنوز الأرض يرفضها اليقين
هاجت بنا وتقاسمت أمواجها صخب الأنين
وعلى شفاه الأرض شاطئ حزننا أضحى سجين
يا قوم من مروا هنا مروا يمين
ماتت قلوب العاشقين المتعبين
حتى أتوا في غفلة النبض الحزين
وأجهضوا الحلم المبين .. وأشعلوا الجرح الدفين
... عامٌ جديدٌ يحترقْ
هل يا ترى من بحةٍ ؟
وعلى المدى جاءت تشيع أمةٌ عربيةٌ.. عبريةٌ.. غربيةٌ.. شرقيةٌ
كانت هنا في الجمر ميلاد الرماد
.. يا بحة النزق الأخير تقاسمت أحزاننا هذي البلاد
وتقاسموا أبنائها أوزار أبناء الفساد
وتقسمت شرفاتها بالمثل تسعى للحياد
وأعلنت طرقاتها, آهاتها بالشعب للشعب الجهاد !!.
... عامٌ جديدٌ يحترقْ
هل يا ترى من ثورةٍ ؟!
وعلى الخطى جاءت تجمع آهة الأحرار في درب النضال
جاءت تفردس شحة الصحراء في شفة الرمال !
جاءت توحد فرقة الأوطان قبل شقين في شق الشمال .
يا ثورة الشعب الجنوبي..
.. وحدة الصبح أقوى يا رجال
ثارت بنا أوجاعنا, أقدارنا, وبلادنا, وبلا جدال
الشعب أقوى وحدة..
.. يا أيها الصمت المشيع بالزوال
وهذه الأرض التي تعبت بها أرجائها, أسمائها, أقدارها..
نقشت بها أسمائنا, بشموخها, بصمودها في الأفق يجمعنا النزال
ثرنا على قمم الجبال
ثرنا من التأريخ شدينا الرحال
ثارت وثرنا يا شموس الشعب في وجع الظلال
... عامٌ جديدٌ يحترقْ
ماذا جرى ؟
وتجعد الميلاد في أقدارنا يبكي عسى يحيي الضريح !
وظل ثورتنا بلا نزفٍ من الوطن الجريح
وهناك غابت شعلة الميلاد والأمجاد في نصف قبيح
أحزابنا سلكت بنا رملٌ وريح !
أحزابنا سلكت بنا رمل وريح !.
وماتت الأفعى على ألمِ الفحيح
والكل يسعى غافلاً في نزوة الدرب الصحيح
والشعب أصبح تائهاً :
هل ههنا القول الصريح ؟!
... عامٌ جديدٌ يحترقْ
وربيع أمتنا أتى وأتت بنا أقدارنا .. تسعى وساستنا الخريف
باعوا دمانا سيسوا وطناً بلا مدنٍ وريف
البعض ينهش معصماً والبعض يلهث تاركاً جوعاً إلى ظلٍ حفيف
والموت يسعى نحونا
والقبر يسأل لحدنا : وهل المخيف بلا مخيف ؟!.
والروح أذكى عاشقٍ في رحلة الموت الظريف !
يا ويلها وسلاح سفاحي البلاد عفيف !
والأرض أزكى برزخٍ في غفلة الموت المخيف !
... عامٌ جديدٌ يحترقْ
يا ليتها كسرت بنا مرساتنا.. و البحر أمواج تباع !
والموج أذكاه ارتفاع
يا صبح غابت شمسنا والنور شيعه الشعاع.
ماتت شجون العالمين وفيكَ أذكت صبوة الوجع التياع
وهنا سنبحر حتى نعتلي صمت الضباع
نقشت بنا آلامنا في الريح آلامٌ على وجع الشراع !
وعلى المدى أممٌ على نفس الصراع !
وإلى المدى تهنا هناك بلا ذراع..
.. كيما نمكن حلمنا, ونخلص الشعب الجريح من الضياع !
والأرض ترفض قتلنا, والبحر يختزل النزاع !
.. عامٌ جديدٌ يحترقْ
مات الجميع بلا وَجَل
ومسيرة مرت هنا نحو الحياة هي الأجل
وبها هنا ثوارنا بالعزمِ, والإصرارِ, والإقدامِ, والتأريخِ
قد مروا على أقدامهم نعلٌ
من الحكامِ, والأزلامِ, والأذنابِ, والسُرَّاقِ, والأغرابِ, والأعرابِ, والأحزابِ, وأل...
في الصبح لا .. في الليل هل ..؟
يا موطني أصداء نعلٍ آخرٍ في غفلة الرمق الأخير من المقل.
وجوارب الأوجاع, والأحزان, والإنسان, أذكت رحلة العمر المضمد بالمللْ.
وتفطرت أقدامهم في قاب قوسيها دنى تأريخ أمتنا يسير على عجل !.
تساقط التأريخ في خطواتهم وتجعد الصبح الضرير من الخجل
يا صبح ما تعبت بهم خطواتهم مرحى وما تعبوا أمل !
إلّا كما تعب الغروب من الأزل ؟!..
جاؤوا على أعناقهم إيمانهم بالفجر بالصبح الشريد على الظلل
رفضوا اللذين تبايعوا بدم الشهيد وقسموا أحلامنا, وقدموا من أجلنا فجراً أفل !؟.
الصادقين المتعبين من الهشيم .. من الجدل
.. جاؤوا هنا وكأنهم عبروا الجحيم !!
جاؤوا هنا وكأنهم عبروا الجحيم بلا هبل !