﴿ أيتها الجميلة ﴾
ووقعت في عيني جميل مقتدر
يُهدي الجفون بقدرة جبَّ السهر
ما كنت أدري ما المها ؟ ما عينها ؟
حتى رأيت بلحظها ما قد بهر
وتخال ما جمعت عليه جفونها
أسرارَ ما قد خبأته يدُ القدر
وبياضه سر النهار إذا ظهر
وسواده عين السكينة في السحر
ورحلت في ظل الرموش بخدها
في غابة قد حفَّها سحر الشجر
تالله إني قد وقعت بواحة
لما سقيت بنظرة ماء الزهر
قد كنت قبلا في صحاري وحدتي
أدعو الهوى خلف السراب المنتظر
كم لمت أترابا أذلهم الهوى
حتى رُميت .... ولست منهم أعتبر
ولزمت معبدك المقدس ضارعا
علَّ الرضا ألقاه يوما بالنظر
كم حرت في وصف الجميل كأنني
لم أنظم الشعر الفصيح أو الفكر
تُنْبيك عن معنى الشروق إذا بدت شرفة من شُرفة القصر المنيفِ المزدهر
قصرٌ.. بحَجْبك عن رؤانا خلتُه
قبرَ الجمال مشيدا بين القُصر
يا من بحبك قد فقدت وقاريا
فشكوت في ليل الشتاء إلى الممر
حيث التقى حبي الأحاديُّ السما
ذرفت لأجلي الدمع في ماء المطر
عين بحق لم أشاهد مثلها
إلا على حيطان ( فرعون ) غبر
والكحل حول العين سور آسر
من يقتربْ يسحرْ ويخطفْ لا وزر
قدرية ٌ...بُعثتْ كأنَّ بسحرها
( هاروتَ ) في ثوب جديد قد نشر
أبدية.. في قلب عاشق سحرها
أزلية ...من كل عرق تنحدر
من يَحْلِل ِالقيد المسحَّر يلقني
قلبَ العليل بدون علةٍ انفطر
ولسوف أحيا ناعما في علتي
فالمبتلى يجني المثوبة إن صبر
ورسمت في روضي لوجهك لوحة
كنت السماء وديمة تُهدي المطر
كنت البلابل في العشاش ترنم
والعندليبَ بصدحه يزهو العمر
كنت النسيم إذا يقبل وجنتي
كنت العبير يهادي شمي بالزهر
كنت الحمامة والسلام بذيلها
والغصن أخضر بالمحبة قد أمر
كنت الربيع إذا أهل بخاطري
يغزو الخريف بلونه الحلو النضر
فبدونك الدنيا خريف دائم
طفل تشيب أو شباب يحتضر
كنت الفتاة إذا تحاور شطها
جلست تغذي الشمس بالثغر الأغر
واستلقت الحسنا بقدٍّ ناعم
عكست شعاع الشمس فاختطف البصر
سبحان رب الكون أحسن خالق
تالله أجمل من عيونك ما فطر
عِزي بأفضل ما خلقت لأجله
إني لأرضى في هواك بما نزر
من لم يكن في المحسنين بماله
لم يحرم المحتاج من لطف أبر
مُني عليّ بنظرة من محسن
فالخير في الإحسان حتى إن صغر
وبقيت والسُّهدَ المؤرقَ رفقة ً
ندعو النجوم فيستجيب لنا القمر
يروون عني قصة عن ظالم
أبكى الليالي طيفُه حتي السَّحر
وظللت حتى قد سلتني صحبتي
ثم انطلقت بصحبة الفجر الأغر
فاستقبلتني لمسة الصبح النديّ
تش تشدوا بأحلى ما يُسلِّي عن بشر
تشدوا بآي الشرح تشرح صدريا
تشدو بآي النصر ملآ بالعبر
كم قيل لي : ودع هواك قد اندحر
كم قيل لي : عم في ثراك أو انتحر
عش كالجماد إذا أردت أو الحمر
أبدل فؤادك بالحديد أو الحجر
إن الذي نشد الهوى في غابة
وجد الأفاعي قد تدلت في الشجر
وإذا رجاه في المحيط لسحره
لاقى قروشا كالجراد المنتشر
كم حذروني من هواك ، وأمعنوا
قالوا : سأحيا في عذاب مستمر
لكنني فهد جسور باسل
ومغامر وجد السعادة في الخطر
كم نال منك الودَّ كلُّ منافق
ومقامرٍ بالحب .. أشباه البشر
وإذا طلبت أقلَّ ما تعطينه
ما جدت إلا بالهشيمِ المُحْتظر
لم أنس ما زعموا بناديك الغبي
وعدا يُمنّي كل مخدوع وغِر
قلتم بصوت الهازئ المستسخر
دعها .. لتطلب ْ غيرها لا تنتظر
أُبعدت ِعني كي أؤانس وحدتي
وُضعتْ لنا آلاف شارات الحذر
وسمعتم الناي المؤثر يشتكي
والعودَ يبكي حالتي هز الوتر
وحسبتم خوفي عليها كذبة
لكنه نيران شوق تستعر
ألأنني أنس بحبك أْبتعد ؟
ألأنني أهديك نفسي أُحتقر؟
ألأنني أشقى لحزنك أُضطهد ؟
ألأنني أحيا لوصلك أزدجر؟
ألأنني طير بروضك أْعتقل ؟
ألأنني نور الحقيقة أْستتر؟
ألأنني نهر العطاء ولا أكف ؟
ألأنني عذب لطيف لا أضر؟
ألأنني رمز التواضع أْمتطى ؟
ألأنني لِين وسهل أُعتصر ؟
ألأنني ما ثُرتُ يوما أُمتهن ؟
لكنني صبر وبركان نفر؟
هل إن حين مذلتي لا يختصر ؟
أم أنني حلم الكرى ؟ والحلم مَر
لكنني في ثورتي خير ، وشر
لكنني في ثورتي دفء وحر ؟
لكنني في ثورتي موت بدا
إن غاب عن عين ففي عين حضر
لكنني في ثورتي يوم الوغى
والحرب عندي مبدأ كر ٌّ وكر
تركوك في وسط الضباب بلا أمل
للهمِّ للغيب المؤرق للقدر
منهوكةً مغصوبةً عريانةً
معصوبةً فقدت محياها النضِر
يا زهرتي لا تذبلي فدمائي ري
أعطيك عمري واعتلي فوق العُصر
عصفورتي عودي لروضك والعبي
عودي لعشك أنت عني في خطر
قومي انفضي عنك الغبار وضمدي
جرح الخيانة .. جرحها لا يغتفر
قومي بجسمك فاستريه بداخلي
عيشي بقلبي إن فيه المستقر
يا مصر أيتها الجميلة ، قد أتى
يومي فغضي الطرف عن ما قد غبر
بقلم الشاعر / محمد محمود محمد شعبان ( حمادة )
مصرـ الزقازيق ـ محافظة الشرقية ـ