من أين أبدأ سكرتي
من أين أبدأ في حضورك سكرتي ؟
و أنا المهاجر بالهوى يا مهرتي
أَمن الخدود و في خدودكِ مقتلي ؟
أم من عيونكِ يا رفيقة سهرتي ؟
من وجهكِ الأقمار تدخل موكباً
ينسل ليلاً من حريرِ الشعرةِ
و تعود فجراً فوق عرش جمالها
و أنا و شوقي في انتظار الدورةِ
صبّي كؤوسكِ من سلافةِ حبّنا
حتى تميلَ من الكؤوسِ مَجرتي
من خمر حبك قد سقيت حدائقي
فتراقصت رغم المواجع زهرتي
فأنا الذي عتقتُ لهفة أحرفي
و ملأتُ من خمرِ القصائد جرّتي
و أنا الذي عبأتُ أجران الهوى
لنضيع بين المشتري و الزهرةِ
ما بين وجهكِ يا ربيع مواسمي
و مدائن الأحلام حارتْ نظرتي
فأتيتُ أحملُ ذكريات حرائقي
و دَويَ شوقٍ كانفجارِ الذرّةِ
ثارتْ على حيفِ القبيلة أسطري
فقصدتُ حبّكِ من بدايةِ ثورتي
درب الغرام إلى دياركِ ضيّقٌ
هل تعبر الأشواق ثقب الإبرةِ ؟
ما كان حبّكِ في رحيلي فندقاً
أو شقة مفروشة للأجرةِ
أو بلسماً يشفي جروحي كلّما
دكّتْ ربى روحي عواصف حسْرتي
فأنا الذي قد طفتُ في دنيا الشقا
حتى وصلت إلى سرادق حيرتي
فالريح تبحث عن قوافل رحلتي
و الطير تعرف عن مواسم هجرتي
هذا زمان القهرِ يأسرُ بوحنا
يمضي بنا حتى تخوم العسرةِ
هل سوف تحيين المشاعر بالهوى
أم سوف أبقى في قيود السخرةِ
كم مرّة شرب الفؤاد من الأسى ؟
لا تسألي يا منيتي كم مرّةِ
هو كالجنينِ بلا غطاء حاضن
يصبو إلى حضن الهوى بالفطرةِ
في رحمِ حبّكِ قد شكى من لهفة
مدّي له في الرحم حبلَ السرةِ
هو جرح شوق نازفٍ لم يلتئمْ
هل سوف يشفيه اللقاء بغرزةِ ؟
يغفو على عتبات قصرك متعباً
حتى يفوز من الرحيلِ بحجرةِ
قد أجلس الأيام أنزف أدمعاً
إن رحت أكتبُ عن مواجع سيرتي
من كثرةِ الآلام تاهتْ أنجمي
و أضعتُ ما بين المذاهب فكرتي
من سوف يجمعُ ما تناثر من دمي ؟
من سوف يرفعني و يردمُ حفرتي ؟
ما همّني سهر الليالي إن أنا
أطعمتُ من لحم القصيدة هرّتي
عن خبزِ حبك عشتُ عمري باحثاً
هل كنت أرضى أن أعود بكسرةِ ؟
أشعلتُ في صمتِ السطور حرائقاً
و نقشتها فوق الجدار بجمرةِ
ما غير حبّك يستظل بأحرفي
أو فكّ في شغف طلاسم شفرتي
قد جئتُ أبحثُ عن ملاك قصائدٍ
ما جئتُ أبحثُ عن طبولِ الشهرةِ
هل سوف أبقى في مغاور وحدتي ؟
حتى ألاقي من سيجبرُ عثرتي
حبّي سيبقى في القصائد نابضاً
و حروفه نار تعانق عبرتي
سفرٌ عيونك و البلاد بعيدة
و الوجدُ حطّ على مراكب سفرتي
فألان حبّكِ بأس رأسٍ قد قسى
قد كان يوماً في العنادِ كصخرةِ
إني سأنسى في حضوركِ من أنا
و سَتفقد الأشواق لمسةَ خبرتي
هذي الشفاه إذا عصرتُ كرومها
يكفي غرامي أن تجودَ بقطرةِ
دقّي كؤوسك و اشربي خمر الهوى
انّي سَئمتُ من الكؤوسِ المرّةِ
هيا اسكني أحضان عشقٍ لاهبٍ
كي يستبيحَ الشوقُ أرض مسرّتي
كي في خدودكِ تستفيقُ مشاعلٌ
و أنا من الشفتينِ أرشفُ خمرتي