مجلات
قلت لكِ مرارا : إن كتاب مجلة أ يشعرونني بأنهم متعالون على قرائهم ، يتحدثون معهم من فوق ؛ بوصفهم أرقى وأكثر ثقافة ووعيا " نخبة " تريد أن تسيطر على عقول الآخرين وتقوم بالتفكير نيابة عنهم وأنا أكره أن يعاملني أحد بهذه الطريقة . مجلة باء تسحرني لأنها تحترم قراءها ، تعاملهم صديقا لصديق ،لا أشعر أن أحدا يمارس غروره عليّ ، وأنا أقرأها أذوب في صفحاتها ، أضعها إلى جانب وسادتي ونحن نائمان . الملف الرئيسي في مجلة أ دائما عبارة عن خواطر وفلسفات وسرد لتجارب خاصة بكتابها النرجسيين لا تسمن ولا تغني من جوع أكثر من أن تتسلي بقراءتها ، عندما أنتهي منها لا أجد أن عقلي قد استفاد بأية معلومة جديدة أو أن همة تفكيري قد شحذت ، شجرة ثقافتي لا تثمر أو تينع . الملف الرئيسي لمجلة باء دائما يثار بطريقة تجعلني أشعر بأنني مشارك في إنجازه..ها أنا ذا أفكر وأتأمل وأستفيد بمعلومات جديدة ، أتفق مع هذه الرؤية وأختلف مع تلك ؛ إنني أخرج في النهاية برأي خاص لي في هذا الموضوع أو ذاك . الكتاب الذي تهديه مجلة أ لقرائها أحيانا ما يحوي عبارات وأفكارا مسمومة ، مدسوسة وسط عسله . تذكرين ذلك الكتاب الذي رفضتِ حتى أن تلقي عليه نظرة ؛ كان يتحدث عن الكتاب العملاء الذين توفاهم الله منذ عقود ، أتعرفين ؟ بعض كتب مجلة أ لهؤلاء ؛ مطأطئي الرؤوس لثقافة أخرى . على عكس كتب مجلة باء ؛ دائما شامخة ، تفوح منها رائحة العروبة والحضارة العربية ، إخلاصها العميق لثقافتنا لا يمكن أن يساورني فيه شك . ورغم كل هذا أقتني مجلة أ كل شهر بل وأدفع في ثمنها المزيد من المال ؛ أشتريها من السوق السوداء ؛ تؤنبينني دائما: يا لك من متناقض ! لماذا تقتنيها إذا كنت تأخذ عليها كل هذه المآخذ وتتصفحها فقط كل شهر دون أن تقرأها ؟ فأخبرك بأنني: أريد أن أشعر بالأمان ، لا أريد أن يطعنني أحدهم في ظهري ، لا بد أن ألم كل شهر بالعسل الذي قد دسوا لي فيه السم دون أن أتناوله ، لا بد أن أعرف إلى أي مدي وكيف سيظل هؤلاء الكتاب يتعالون علي حتى لا يتعالى عليّ أحد في غيبتي . تنعتينني بالمجنون . أما مجلة ج فتشعرني بالغثيان ؛ سمها مكشوف دون مواربة ، ليس ثمة عسل فيها، تتناولين أنتِ جرعاتها بشغف كل شهر ، أخبركِ بأنكِ تقتلين نفسك..بعد عامين من الآن لن تصبحي أنتِ..لا تقتنعين بما أقول ، تصرين على مسخ هويتك واستبدال ثقافتك العربية بثقافة أخرى غريبة علينا ، أحذرك: إنهم يقتلعونك من جذورك..سوف تتحولين إلى نبتة غريبة ووحشية وسط نبات مألوف ومتآلف مع بعضه البعض ، سوف تعيشين لبعض الوقت ، لكنك ستخسرين كل شيء وتموتين في النهاية ! تضعين دستة من مجلات ج فوق مكتبنا المشترك ، لا زلت أكرر لكِ أنها مجلة مأجورة ، تقولين أن رؤيتي متأخرة عن العصر ، أحاورك لأثبت لكِ أن العصر ليس متقدما كما تظنين ، تعرفين الكتاب الذي أتيت منه بهذه المعلومة ، تصفين كاتبه بمشاعر الحقد والدونية ، أقرر لكِ أن الدونية ذاتها بشحمها ولحمها لا يمكن أن تتجسد إلا في مقالات كتاب ج وأن كاتبي المفضل شامخ مرفوع الرأس ؛ رجل فخور بعربيته التي تخجلين أنتِ منها ، تغضبين وتثورين ، تضعين يدك فوق رأسك ؛ بحركة لا إرادية تتحسسينها ، تتركينني وحيدا وتنصرفين . أنتِ دائما عكسي..تشتركين معي في شيء واحد ؛ كلانا لم يطلع على أي عدد من مجلة ثاء لأنها لا تصل إلى بائعي المجلات والجرائد في حينا . وبالنسبة لمجلة دال فجميع أعدادها عندي..دائما يعجبني نصف العدد ولا يعجبني النصف الآخر..شعوري تجاه هذه المجلة محايد ؛ أحب بعض موضوعاتها ولا أكترث بالبقية أما أنتِ فتعجبين دائما بالنصف الذي لم يعجبني وتتركين قراءة الموضوعات التي أحببتها . الكتب التي تكون محل رضاي هي دائما محل سخطك ، تذكرين يوم المعرض من الشهر المنصرم ؟ طلبت منكِ أن نذهب معا وكنت أسر في قلبي شيئا آخر ، تعللتِ بأنكِ مريضة وأيام المعارض تكون مرهقة..تصنعتُ أمامكِ ملامح الأسى والأسف وتهلل وجهي بشرا حين أدرته للجهة الأخرى ، كنت أعرف أنكِ تكذبين..صنعتُ لكِ كوبا من الينسون ، طفقتِ ترتشفينه على مهل بسعال متقطع ؛ يا لك من ممثلة ! ترى بماذا تفكرين ؟ لماذا تكذبين علي ؟ لم أفكر كثيرا ، على الفور ارتديت ملابسي ، قبل أن أخرج سألتني: متى سوف تذهب إلى المعرض ؟ كذبت عليكِ وقلت أنني سوف أزوره في المساء ، قرأت في وجهكِ مشاعر الارتياح ويممت وجهي شطره . تذكرين ما حدث بعد ذلك..لقد تفآجأت بكِ هناك ؛ كنتِ مع أحد كتاب مجلة ج تتجاذبان أطراف الحديث في حماسة ويديكما متشابكتين في دفء ، رأيتكما كعصفورين متناغمين تماما ؛ الطيور على أشكالها تقع وضبطتني أنتِ متلبسا بالجرم المشهود مع إحدى كاتبات مجلة باء..في أحد أركان المعرض كنت أطبع قبلة على خدها..تعرفين أنني لا أقبل النساء أبدا ، ولكنني قبلتها . عزيزتي: لقد كنا دائما مختلفين ، أؤكد لكِ أن زواجنا كان خطأ لابد من العمل على إصلاحه..ولذلك فأنتِ..أنتِ طالق .