أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: على هامش الكون...؟!

  1. #1
    الصورة الرمزية معزوز أسامة قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2012
    الدولة : الجزائر
    المشاركات : 192
    المواضيع : 62
    الردود : 192
    المعدل اليومي : 0.04

    Post على هامش الكون...؟!

    على هامش الكون كانت و لا زالت تمدُّ بيدين مُتسختين اتساخ الذلّ المهين، اتساخ الفقر المدقع ...الجوع القاتل...الأسى والحسرة...اللوعة والفجعة، بعدما كانت قمراً يجلس في حضن السماء!.
    الشمس تعكس أشعتها الحارقة على وجهها القاتم قتامَة الذلّ المهين، الأيـادي الحصِيرة تزورها هُنيهةً ثم ترحل من دون بذُول و لا عطاء، الأيادي الكريمة تودعها من دون تقبيل حارٍ كحرارة الشمس، الأيادي تقترب من دون أن تقترب!، على رصيف الكون
    تجلس وتنظر....
    تتسولُ و تَتَوَسلْ...
    قطرة ماء بل زَخةُ غيث...
    لُقمة عيش بل فُتَاتُ خبز ...
    في وضح النهار...في غسق الليل
    الأنوار تتوهج في منازلها، ضحكات الأطفال أبي..أمي، عناق الأباء للأمهات زوجتي.. زوجي ... عناق الحبّ للقلوب.
    كانت قمراً يجلس في حضن السماء ...واليوم ...ماذا هي اليوم...؟؟؟.
    وَدَقَ النهار ككلِ يوم و لازالت في مكانها صنما ساكنا...هـا هو آتٍ،لم يكن كغيره من الزُوَار القلقين، بل كان يعشق تقبّيل أصابع رجليها الذابلة...تقبيل بطنها الشبعان بالجوع الشهي...!، تقبيل جبينها المُطأطأ... تقبيل شعرها المُشعث المتسخ بريح الشمال والجنوب...الشرق و الغرب...يُقبّلها ككل يوم من الأسفل الى الأعلى ثم يأبى أن يغادرها الا أن يعاود تقبيلها من الأعلى الى الأسفل...
    رفع النهار أجنحته بعدما سئم من تقبيلها ليزوغ في موطن الظلام، ليُخلق الجميل و يطرّز السماء و من حوله بنين و بنات، هم يتسامرون ...هم يتغازلون و هي تبكي...و تبكي.
    اللقيطة في حضنها ترتوي بسخاء العيون، لكنها لم ترتو من ثدي أمها الهَرِم قبل أوانه، لم ترتو بزُلال حنان الحنان، اللقيطة تبكي...و تبكي...و تبكي:" أمـآه الموت قـادم.. أمـآه الموت يخنقني...أمــاه الموت يأمرني بالسجود له طوعًا و كرهًا ،الموت أمـآه ... الموت".
    جنح النهار من خلف حجاب الليل الأليل...هذه المرة مُتأججا ساخطا،لم يأت اليوم ليغازلها بالقبلات، بل ليطعنها باللعنات، الأم لا تسمع لِلَعْنِ النهار، بل تسجد مع فلذة كبدها أمام رجليه...الجوع قد شبع من الجوع...المَذلة قد زينت عينيهما وشفتيهما وفخذيهما وأصابعهما .
    اللقيطة تتكلم من دون أن تتكلم!، نستِ اللقيطة الموت الغاصب و طفِقَت تلعن أمهـا، يرتفع بُكاء الأم و يرقى...الصوت يغازل أقاسي الكون...علياء السماء، بُكاء الأم اللعين يُزعج القمر في عرشه...القمر يضع أصابعه في أذنيه...القمر لا يحب البكاء بل يحبّ الابتسامة العطرة الطاهرة .
    الأسى أضحى قول قديس يرتلانه أنـاء الليل و أطراف النهار...التضورُ نسج من دُمُوعهما نهراً يسقي الكون ومن عليه، المذلة و الأسى....التضور و الجوع، كرمُها الجَشِع سلبها الحياة ورماها من دون حياة...و أي حياة؟!.
    ظهر الموت...
    آآآتٍ من بعيد...يقترب أكثر و أكثر...من كل جانب...ليس بلباسه الوسخ النتن...بل بلباس أبيض جميل...يريد أن يتزوجها...يوَدُ أن تكون هذه آخرة ليلة يسمع فيها الأنين...يريد أن تكون هذه الليلة
    صاخبة...
    حمراء...
    كالدم ...
    يأمرها كملك فاجر أن تستلقي على ظهرها...يرتمي بين حناياه...بعدما كانت قمراً يعرشُ صفاء السماء...هو يتقن فنون المضاجعة،لم تشهد مداعبة بهذا القبيل...يغرس أصابعه بين سنابل شعرها الأصفر الذابل... يمسح دموعها الجريحة حتى لا تهطل على جسد اللقيطة الطاهرة الخبيثة فتحرقها...يضمها بقوة ... الأنفاس تسغي للأفُول... اللقيطة في حضن أمها ...الحياة تختنق... العيون تشخص للانهاية ..الدموع تجف في محاجرها...الأيدي تتلاشى....اللقيطة تفلت فتسقط من على حضن الحنان الرؤُوم...الموت حنون لأنه احتضن من هي أحنُّ منه...حنون لأنه احتضن من تصدقت بما هو أغلى عندها في الوجود ... الموت لا يرحم ...كيف له أن يرحم من لم ترحم نفسها...الموت يقتل الموت... الموت يضحك ..الموت يُقَهقِه ...و اللقيطة على هامش الكون...
    تبكي...
    و تبكي...
    و تبكي...

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد محمود محمد شعبان أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 2,176
    المواضيع : 158
    الردود : 2176
    المعدل اليومي : 0.48

    افتراضي

    القصة هنا أراها قد عكست قضية اجتماعية ذات أبعاد وأسباب متعددة
    راق لي موضوعها ، وفكرتها غير الحديث عن الموت ولحظة الخلاص ـ مجرد رأي ـ .
    وكان المشهد الأخير مؤثرا حد الدهشة أبكى القلوب وحننها بعض الشيء، وقد لا تستحق هي هذا الحنان .
    قد تحتاج لبعض مراجعة لتفادي هنات لوحة المفاتيح .
    أهلا ومرحبا بك أخانا الكريم بواحة الإبداع .

    تحيتي

    حمادة الشاعر
    أديب ، وشاعر
    أسعدني بإضافة facebook
    mohammad shaban

  3. #3
    الصورة الرمزية معزوز أسامة قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2012
    الدولة : الجزائر
    المشاركات : 192
    المواضيع : 62
    الردود : 192
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    سعيد بك أيها الجميل ...
    "وكان المشهد الأخير مؤثرا حد الدهشة أبكى القلوب وحننها بعض الشيء" هو ما قصدته فعلا
    شكرا على التنبيه صديقي
    دمت و دام وجودك
    أسامة .

  4. #4
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,793
    المواضيع : 393
    الردود : 23793
    المعدل اليومي : 4.10

    افتراضي

    هي من اختارت النهاية ورسمتها بعد أن تركت أثرا لاينمحي وذكرى لاتموت بموتها
    لك أسلوب بديع وحرف راقي وقدرة السيطرة على ذائقة ووجدان المتلقي حتى أن الحرف كاد يجعلني أتعاطف معها لبرهة ثم أطرد تلك الفكرة اللعينة بسرعة
    ناقشت قصتك مشكلة اجتماعية خطيرة لها أبعاد وضحايا يحملون من آثام الراحلين ما تنوء بحمله الجبال
    دام ألقك
    ومرحبا بك أديبنا في واحتك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية معزوز أسامة قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2012
    الدولة : الجزائر
    المشاركات : 192
    المواضيع : 62
    الردود : 192
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمال المصري مشاهدة المشاركة
    هي من اختارت النهاية ورسمتها بعد أن تركت أثرا لاينمحي وذكرى لاتموت بموتها
    لك أسلوب بديع وحرف راقي وقدرة السيطرة على ذائقة ووجدان المتلقي حتى أن الحرف كاد يجعلني أتعاطف معها لبرهة ثم أطرد تلك الفكرة اللعينة بسرعة
    ناقشت قصتك مشكلة اجتماعية خطيرة لها أبعاد وضحايا يحملون من آثام الراحلين ما تنوء بحمله الجبال
    دام ألقك
    ومرحبا بك أديبنا في واحتك
    تحاياي
    الرائعة آمال ...
    قراءة حكيمة لا تدل على أحد الا على نظرتك الجميلة للكلمات ...
    هنيئا لي بتواجدك الدائم و كم أتمنى أن يبقى
    لك مني كل الاحترام و التقدير..
    أسامة .

  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.65

    افتراضي

    قرأت هنا نصا جميلا مؤثرا
    بأداء يشي بقدرة طيبة وقلم واعد بالكثير

    بانتظار جديدك أديبنا
    أهلا بك في واحتك

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد مشعل الكَريشي أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 870
    المواضيع : 89
    الردود : 870
    المعدل اليومي : 0.20

    افتراضي

    عيدك مبارك صديقي الأديب اسامة معزوز
    قصة متنوعة المقاصد تجولت فيها وقد استمتعت بخفة التنقل بين الحروف
    دمت بخير ايها الرائع...

  8. #8
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.77

    افتراضي

    صنعت المصيبة وتركت آثارها وارتاحت بموتها
    بمن يريح ثمرة الخطيئة من وزر إثم اقرفه غيرها

    الخاتمة أبكتني

    شكرا لك أخي

    بوركت

  9. #9
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.82

    افتراضي

    كعادتك : تضع حوارية مبطنة في اسلوب استرسال ليصل القارئ بعض افكارك الحائرة عن هذا الحزن الذي يريد أن يغتال الأمل ..


    راق لي هذا النص ...
    الإنسان : موقف

المواضيع المتشابهه

  1. هوامشٌ على أطرافِ الكون . . بأبجديةِ الهذيان
    بواسطة صابرين مهران في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 26-12-2008, 09:15 AM
  2. على هامش الرسوم الدنماركية .. ماذا اعددنا للنصرة المحمدية
    بواسطة ميادة العاني في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 21-02-2006, 03:32 PM
  3. فلسفة على هامش الحب
    بواسطة إبراهيم محمد في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 20-05-2004, 07:50 PM
  4. إحماء على هامش نزال الخنســاء والنــابغة
    بواسطة نهى فريد في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 24-07-2003, 05:35 PM