أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: خلف أسوار المدرسة

  1. #1
    الصورة الرمزية عبدالله عويد محمد
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2012
    الدولة : العراق
    المشاركات : 37
    المواضيع : 8
    الردود : 37
    المعدل اليومي : 0.01

    Post خلف أسوار المدرسة

    خلف أسوار المدرسة
    في صباحٍ هادئ داخل صفٍ صغير، جلس المعلم بين طلابه يفتّش في ذاكرتهم عن جذورٍ تمتد في أعماق الأرض. كان الدرس عن تاريخ الأوطان، وحين وقعت عيناه على أحد التلاميذ من الكُرد، أراد أن يختبر معرفته فقال:
    – يا بني، أين كانت ولادة جدّك الرابع؟
    توقف الصبي قليلًا، ثم قال بخجل:
    – لا أعرف بالضبط… لكن ما أعرفه أنّه لم يولد في العراق، لأن أهله لم يكونوا يعرفون العراق بعد.
    تعجب المعلم، وسأله:
    – إذن أين كان أجدادك؟
    أجاب الصغير وهو يستعيد ما سمعه من أبيه:
    – في غرب آسيا، على سفوح الجبال الممتدة من العراق حتى إيران… وبعضهم واصل الطريق إلى أبعد من ذلك، حتى أوروبا.
    ازدادت الدهشة في وجه المعلم، فسأل من جديد:
    – وكيف جئتم إلى شمال العراق؟
    ارتسم على ملامح التلميذ بريق ثقة وقال:
    – بعد ثورة العشرين، ثورة الفالة والمكوار… حين هزمت عشائر العراق بريطانيا، قررت الأخيرة أن تجعل من الكُرد ذراعها الأيمن ضد العرب. فمدّتنا بالسياسة والدعم والمال، لتبقى لها موطئ قدم في هذه البلاد. كانت تلك فرصتنا للبقاء هنا، وأصبحت لنا هوية عراقية نحملها، مع احتفاظنا بقوميتنا الكردية. واليوم… كما ترى، نحن أصحاب أرض وعلم.
    ساد الصمت أرجاء الصف. شعر المعلم بشيءٍ يضغط على صدره؛ خليط من الحسرة والفخر. لم يجد ما يقول، فأغلق دفتره واكتفى بنظرة عميقة حملت اعترافًا بالواقع: أن العراق بلدٌ تقطعت أوصاله بأكثر من غازٍ ومحتل، ومع ذلك ظلّت جذوره ضاربة في عمق التاريخ، تنبت أبناءً شجعانًا مهما اختلفت ألسنتهم وألوانهم.
    وفي داخله، تمتم بحمدٍ خافت:
    "الحمد لله أن العراق ما زال حيًّا، رغم ما حصل… وما سيحصل."
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 22,766
    المواضيع : 383
    الردود : 22766
    المعدل اليومي : 4.76

    افتراضي

    لطالما حيرني موضوع الأكراد ـ أصل نشأتهم وديانتهم وكيف وصلوا إلى العراق
    فقدمت لي هذه الفصةكل المعلومات الوافية الخاصة بهم في نص متماسك
    وحوار جميل بين المعلم والتلميذ الكردي ليمنح القصة طابعا حياديا بعيدا
    عن المباشرة السياسية
    وقد أبدع التلميذ وهو يسرد ببراءة وعفوية ما لقن من ذاكرة أبيه عن تاريخهم
    وما قابل هذا من دهشة وصمت من المعلم لنعرف ان الحقائق التاريخية
    قد تكون أقوى من أي خطاب تربوي رسمي
    ويبقى العراق بلد متعدد الأعراف والطوائف تعرض على مر التاريخ لأنواع من الغزو
    ولمن حاولوا تقسيمه أو استغلاله، ولكنه بلد أصيل ظلت جذوره ممتدة في عمق التاريخ
    وسيظل شامخا قويا رغم كل الظروف
    "اللهم احفظ العراق شعباً وأرضاً، وأبعد عنه شر الفتن ما ظهر منها وما بطن،
    وردّ كيد من يكيد له في نحره، إنك أنت السميع العليم"

    قصة عميقة في المعنى ، بديعة الطرح ، جميلة السرد والحبك
    أجدت وأبدعت ـ دمت ودام ألقك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي