عين فابكي لفقد إسماعيل
ذلك الشيخ ذي المقام الجليل
أهو حق قد مات أم هو حلم
لا تلوموا فإنني في ذهول
كلما رمت سلوة جاء نعي
لعزيز فضاع مني دليلي
هدم الموت قلعة من صلاح
وعلوم فما له من بديل
هذه قريتي تبث أساها
لمصاب قد حل فيها جليل
وقنا تشتكي من الفقد حزنا
ليس فيها سوى بكا وعويل
وجرادية تنوح عليه
آه من لوعة وحزن طويل
كل شيء بكاه إذ كان فذا
قد حوى في الخلال كل نبيل
صار يبكيه جامع كان فيه
صادحا بالقرآن في ترتيل
حلقات التحفيظ تندب شيخا
كان فيها معلم التنزيل
كان بالعلم مشبعا نهم
الجهال فينا وراويا للغليل
جاء والناس في ضلال وجهل
فدعا للهدى وخير سبيل
لم يعقه عن دعوة الحق قوم
سفهوه بكل بكل قول جهول
كم محا بدعة بكل ثبات
وصمود ما لان للمستحيل
فمضى صابرا يحث خطاه
لم يكن في تكاسل أو خمول
جاء والناس غارقون بلهو
في إسار الغناء والتطبيل
ورآهم من جهلهم في هوان
ورآهم من غيهم في سفول
فدعاهم إلى الهدى في اصطبار
مخلصا ساعيا وغير ملول
كان في وجه كل بغي كسيف
صارم في مضائه مسلول
كان بالحق ناهضا لا يبالي
بملام ولا بقول عذول
عزمه لم يهن وما كان يوما
حين يمضي في دعوة بالكسول
بيته الرحب لا يمل نزيلا
فاتحا بابه لكل نزيل
كان لا يرتضي بأن يبصر الناس
من الشرك في حياة الذليل
كم سنين من عمره قد قضاها
في اجتهاد معلما للجيل
وله في القضاء أحكام عدل
وعن الحق ما به من عدول
لم يزل صوته يرن شجيا
حين رفع الأذان والترتيل
هو مزمار من مزامير داود
سبانا ومنعش للعليل
هو يزري بكل صوت ندي
من رنين لبلبل أو هديل
يا لتلك الآيات تملك أسماعا
وتسبي من سحرها للعقول
صوته يجلب الخشوع فيصحو
كل ساه لدى الصلاة غفول
كل ربع يا شيخ بعدك أمسى
كخلاء وموحشا كطلول
يا فقيد الإصلاح قد صار يبكيك
بدمع من مقلتيه هطول
عشت تجلو ظلام جهل وشرك
وخرافات أنفس وعقول
صادعا باليقين لم تخش صدا
موردا كل حجة ودليل
جرأة في شجاعة في مضاء
في احتمال لكل أمر ثقيل
كم نفوس هديتها لصواب
سالكا في البلاغ نهج الرسول
لست بالواهن الضعيف لدى الصعب
ولا الخائر الجبان الهزيل
إيه يا صاحب العقيدة قد كنت
نقيا مستمسكا بالأصول
كنت شمسا مبددا ظلمة الجهل
وها أنت صائر للأفول
آه يا عاشق الزهادة في الدنيا
ولم تعرمن بعيش قليل
عشت لم يولع الفؤاد بدنيا
مستعدا فيها ليوم الرحيل
عشت فيها ولم تلم ثراء
أو تكن جامعا لمال جزيل
أنت سطرت من فعالك سفرا
ليس يمحى على الزمان الطويل
أنت أسطورة من الناس صعب
أن يرى صنوها بأي رعيل
ولكم كنت في المواقف وقافا
على الحق دون حيف وميل
رادعا كل ظالم مستبد
ناصرا كل بائس مخذول
وحفظت اللسان عن قولة الزور
وعن غيبة وقال وقيل
سر إلى الله واترك العيش في دنيا
كذوب خداعة وختول
رب أسكنه جنة يلق فيها
عيش نعمى وتحت ظل ظليل
رب واجعله يرتوي في جنان
راشفا كوثرا ومن سلسبيل