كان العم عباس رحمه الله من المبكرين لصلاة الجمعة
وقد مررت بالطريق المؤدية إلى جامع قريتنا فتذكرت تبكيره
إلى صلاة الجمعة وصفات كان يتصف بها رحمه الله

مثلَ هذا الوقتِ يخرجُ عباسٌ

لآداء الصلاة
مثلَ هذا الوقتِ كانت الأرضُ
تشتاقُ إلى نبضِ خطاه
آه ما أجملَ في الدربِ خطاه
كانت الجمعةُ في الدنيا مُناه
كان يغدو في اشتياقٍ
في زُهاء العاشرة
لم يقيده توانٍ أو كسل
كانت الأرجاءُ تشتمُّ الأماني
العاطرة
كانت اللهفةُ تدعوه لأجرِ الآخرة
آه يا عباسُ كم قربَّت بالتبكير بدنا
كان عزمٌ منك يأبى
أن يصبحَ قربانُك كبشاً
أو دجاجة
حينِما قربتَ بُدنا
عدتَ بالأجر بماذا نحن عدنَا
آه كم تهنا وتهنا
في سراديبَ من الغفلةِ تهنا
أنت ما قربت بيضة
حينما جئت لآداءالفريضة
إنما البيضُ لمن فرَّخ عجزاً وكسل
إنما البيض لمن سارعلى الدرب
ولكن ما وصل
صاحبُ البيضةِ لم يذهب إلى الكهف
ولم يفتح وصيدا
صاحبُ البيضةِ لم يزددْ رصيدا
كان عباسٌ يرى الدنيا طريقاً للعبور
بذرَ الصَّالح في الأعمالِ كي
يجني الأجور
أخذ العبرةَ من حصدِ الحقول
أن هذي الدارَ للزرعِ وفي الأخرى
يؤولْ
لحصادٍ سيؤولْ
آهِ يا عباسُ قد أدركتَ في الدُّنيا
الحقيقة
أنَّ هذا العيشَ لا يبقى
فلم تهوَ بريقَه
لم يكنْ ما سالَ من جسمك
في الكدِّ عرقْ
إنما كان عبقْ

إنما كان عبقْ
لم أزلْ ألمحُ تلك القبَّعة
فإذا شئت بأن تغدوإلى الحقل
لبستَ القبَّعة
لحظاتٌ ممتعة
هي ليستْ من قماشٍ
إنِّما من سعفِ
وإذا شئتَ فقلْ
هي كانتْ من طفي
فبها لا بسواها فيغدوٍّ
يحتفي
فاح منها عبقُ الماضي
العريق
فغدتْ تفتحُ للذكرى الطريق
وهي الآن بحزنٍ
كمْ تشكَّتْ من حريق
كلما يلمسُها اللامسُ من وجدٍ
بكتْ
وإذا يسألُها السائلُ كي تحكي
حكتْ
قد حكتْ عن طيبةٍ
ما مثلُها
في النَّاس طيبةٌ
لم تكنْ تسمع ما يُسمى
من الأقوالِ غيبة
فهي الآن كئيبة
وهي الآن غريبة
آه يا عباسُ عذراً
وإذا ما خانك الاسم فعذراً
لم تكنْ أنت بعباس ولكنَّك
بسَّامُ المحيَّا
لم تكنْ تخفي من الأضغانِ شيَّا
إنَما عشتَ صفيَّا
إنَّما كنت تقيا

فعزاءً شيخُ إبراهيمَ في
موت أخيك
وعزاءً يا عليٌّ فاحتسبْ
فقدَ أبيك
وعزاءً يا بنيه
وعزاءً يا أبي الغالي وقدْ
ولًّى الصَّديقُ
أنا أدري أنَّ في القلبِ
من الفقدِ حريقٌ
بعدما ولَّى الصَّديقُ
بعدما ولَّى الصديقُ