بينما كان يراودُه ذاك الضجرُ, كان يرقُدُ متابعًا بنصفِ عين.
لم يستوِ بعدُ, ولا يريد
فمن ذاك الأحمقُ الذي عاد ينبِشُ قبرًا ليتأكدَ من حياةِ صاحبِه,
بعدما أوشك قبرُه أن يسبقَ الأرض دفنًا!
كلُّ الستائرِ أمامه معتمةٌ كعتمةِ قاعِ مُحيطٍ في ليلةٍ حالكة.
اختارها بعنايةٍ كي تحجبَ عنه آشعةَ الحياة

لكنّ ريحًا ما جاءت لتُحرَكَ سواكنه, فتسرّب شعاعٌ كخيطٍ من
خيوطِ العنكبوتِ اقتحمَ على حذرٍ دارًا هُجرت منذ قرن.
لم يأبه, فبعد قليلٍ ستهدأُ هذه الريحُ المُزعجةُ,
وتعود الستائرُ ميّتةً كما كانت,وينحسرُ شعاعُ الضوءِ
المُتطفّلُ هذا مخذولًا.

عادَ يستجدي سكونًا من عيونِ موتٍ قريب
أتمَّ إسدالَ جفنٍ كانت إزاحةُ نصفهِ كافيةً لعمليةِ رصدٍ قصيرة
لم يُشغلهُ ذاك الشعاعُ الضعيف, إلا أنه استدعى في عروقه صُورًا
من ماضٍ سحيقٍ مازالَ ينزفُ حياةً في يده
كادت تُرديه حيّا
وهو الذي ظنَّ أنَه واراها الموت.

ليس بعد..
وليس قبلُ, وليس الآن

فما كانت تلك الصورُ إلا لتُرى مرّةً واحدةً في ال..
في الحياة؟؟
نعم, في الحياة....والآن موت
فليكن موتًا في سلام
فاستجداءُ الحياةِ بها موتٌ فوق الموت
وإنزالُ غيرِها بديلًا لها إجحافٌ ما بعده إجحاف.

طعنَ في وريده سكينَ السكون
آملًا أن تنبجس منه ثلاثون عامًا كان قد عاشها في سبعةٍ منهن
ليلفِظها عامًا بعد العام, وحياةً بعد الحياة,
لتنسلَّ من بين ضلوعه كما لم تكن من قبل.
إلا أنها مع أول قطرةِ نزفٍ للحياةِ هربت جميعُها واختبأت في
وادٍ لا زرع به ولا ماء, وليس إليه اتجاه, لتعودَ إليه بعد حين

لا يدري...

أهي رغبةٌ في الحياةِ يُنكرها,
أم عقابٌ منها لتتركَه ما بين الموتِ والحياة؟


جزء من رواية مازالت في بدايتها