لماذا لانفهم نغم الشعر؟
لأننا نفكر في اتجاه واحد هو المعنى والغرض والموضوع وأن هناك علاقة بينها وبين النغم فقزمنا النغم .
إني لأجزم أن إعجاز القرآن الأكبر هو في صوته ولذلك قال الله سبحانه وتعالى(ورتل القرآن ترتيلا)حتى تظهر مزية الصوت التي نسميها في الشعر النغم وفي الشعر الأمر شبيه بالقرآن الكريم لكن على مستوى الإنسان وبما أن هذه المزية تظهر في القرآن بالترتيل فإنها تظهر في الشعر بالإنشاد لكن شعراؤنا لايغنون شعرهم ولايترنمون به وهم ينظمونه ويفترض أن يغني الشاعر شعره وهو ينظمه فهذا يجعل نغمه لذيذا جدا على الأسماع .
لكنه لما قرأ أن الأصوات الصفيرية تناسب زقزفة العصافير والأصوات الكذا تناسب كذا وأن الوزن يناسب الغرض ظن أن هذا هو النغم .
لا ياسيدي النغم في الشعر هو المحتفى به قبل المعنى:
أقلي اللوم عني والعتابن
وقولي إن أصبت لقد أصابن
العتاباً تنوين والكلمة فيها ال عكس قانون اللغة لأن الشعراء يصرعون مطالعهم وهذا لاعلاقة له بالمعنى ونحن نقلد القدامى ولانفهم لماذا هذا التصريع لكن الشاعر الأول الذي اخترع هذا يفهم لماذا .
ولابد أن اختراعه له كان له غرض إنه الغناء:
مكرن ... مفرن
مقبلن ... مدبرن
كأنه موضوع للغناء وللترنم به وامرؤ القيس كان أميرا يحب اللهو ورحلات الصيد فيذهب معه بحاشية فيها جواري وقيان وبما أنه يحب اللهو فليس أجمل عنده من أن يغني القيان شعره شعر المغامرات العاطفية الذي هو مادة الغناء أصلا إذ أن الغناء لايحسن الا في الحب ووصف النساء .
إن الغناء لهذا الشعر مضمار
إنما اختيار الوزن مهم كيلا ينتهي المعنى قبل القافية أو يصل الكلام الى القافية والمعنى لم ينته .
اذا سمعت القرآن يتلى فإنك تستمتع وتشعر بخشوع واذا سمعت شعرا ينشد فإنك تطرب .
هذا شي وهذا شي أعني الصوت صوت يجعلك تخشع وصوت يطربك وقد يجعلك ترقص مما يدل على أن تفاعل نفسك مع الصوتين صار في اتجاهين هزة الطرب وجلالة الخشوع(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)فلابد أن يكون صوت القرآن مصمم تصميما يناسب النفس البشرية ويجلب لها الطمأنينة ويتعامل معها بين ترغيب وترهيب.
سأصليه سقر
وما أدراك ماسقر
لاتبقي ولاتذر
أعوذ بالله
لاحظ:لاتبقي .... ولاتذر
الضمة صوت ثقيل وتكون هناك موازنة نغمية بين الثقيل والخفيف والسكون بعد الضمة يخفف ثقلها .
لا أقصد أن الصوت الثقيل غير جيد ولكن أقصد امتزاج الصوت الثقيل والخفيف.
طيب انطقها تذرُ بالضمة بدون وصل وقف على الراء بالسكون فتحة فتحة سكون نغم خفيف أما فتحتة فتحة ضمة تَذَرُ الضمة ثقلت النغم وكله جميل فأنا لا أقصد بالثقل مثل كلمة دننار ثقلت فخففوها الى دينار وإنما أقصد النغم يكون يتمازج بين الخفيف والثقيل في الحركات الضمة والفتحة والكسرة والسكون .
لاتبقي ولاتذر
لواحة للبشر
عليها تسعة عشر
تذر وبشر وعشر وهي الفواصل كلها على الخفيف فتحة فتحة سكون وكذلك سقر .
لاحظ حرف الشين والذال والقاف ثقلت الخفيف قليلا في الوسط بين حرفين وتكررت الشين مرتين وهذا ليس مصادفة .
حتى الآيات التي قبلها مثلها وشبيهة بها مثل يؤثر واستكبر لأن التنويع النغمي بين المتشابهات جميل لكنها جميعا قبل الفاصلة الراء حرف مفتوح لأن القرآن الكريم مهيأ للترتيل أي مهيأ لأن يقف القارئ على الراء وهذا واضح جدا .
فبالله عليكم ماعلاقة المعنى بهذا
هناك علاقة بالمعنى وهناك علاقة بالترتيل لكنكم تضخمون علاقة المعنى وتقزمون علاقة الترتيل يدل على ذلك أنكم اذا تكلمتم عن موسيقى الشعر كان المعنى والغرض شيئان أساسيان في كلامكم .
قالَ ربِّ إنِّي ...... وَهَنَ العظمُ مِنِّي
رتل ومتع نفسك وروحك بهذا الصوت