كيف استخرج الشيخ عبدالقاهر الجرجاني المعنى النحوي لواو الحال من واو العطف ؟
جاء زيدٌ مسرعاً
الحال اسم . فيتم فهم المعنى النحوي حسب قاعدة الاسم يدل على الثبوت والاستمرار . أي نوجه المعنى حسب هذا التوجيه كما سوف أوضح إن شاء الله .
جاء زيدٌ يسرع
الحال فعل مضارع . فيتم فهم المعنى النحوي حسب قاعدة الفعل يدل على الحدوث والتجدد .
الاسم يدل على الثبوت والاستمرار والفعل ل على الحدوث والتجدد هكذا :
قال تعالى(أولم يروا الى الطير فوقهم صافات ويقبضن)عطف الفعل(يقبضن)على الاسم(صافات)لأن اسم الفاعل والفعل المضارع بينهما علاقة وطيدة ولذلك تقول:جاء زيد مسرعا-يسرع. أي أن في هذا الموضع يجوز استخدام الاسم والفعل ويكون الاستخدام حسب قاعدة الاسم يدل على الثبوت والاستمرار يعني(صافات)تثبيت للأجنحة واستمرار لهذا التثبيت وحسب قاعدة الفعل يدل على الحدوث والتجدد يعني(ويقبضن)تحريك للأجنحة ومثل أن تقول زيد ينطلق في حاجة عمرو . قلت ينطلق ولم تقل منطلق لأن الانطلاق يحدث منه ويتجدد أي يتكرر .
لكن لو قلت زيد منطلق في حاجة عمرو فأنت تخبر انه في هذا الوقت هو منطلق في حاجة عمرو .
وهكذا يكون المعنى النحوي للحال اذا كانت اسما مفردا أو فعلا مضارعا .
ولايجوز أن تكون الحال فعلا ماضيا الا مع قد لأن زمن الحال يكون مضارعا للفعل العامل في الحال يعني لو قلت:جاء زيد يسرع . فيسرع وهي الحال صارت فعلا مضارعا لكي تضارع زمن الفعل العامل فيها وهو جاء .
فصار يستحيل ان تقول:جاء زيد أسرع . لأن إسراعه يكون قد حدث قبل مجيئه وليس أثناء مجيئه ولكن تقول:جاء زيد قد أسرع في مشيه نحونا . لان(قد)تقرب زمن الفعل الماضي الذي هو الحال من زمن الفعل العامل في الحال يعني تقرب زمن أسرع من زمن المجيء ليقترب زمن الإسراع من المجي مثل أن تقول:جاء زيد قد فرغ عمرو من طعامه . يعني جاء مباشرة بعد أن فرغ عمرو من طعامه .
هذا مختصر مختصر جدا للمعاني النحوية للحال المفردة اذا كانت اسما أو فعلا .
فإذا كانت جملة اسمية هكذا :
جاء زيد وهو مسرع
خبر الجملة التي هي الحال اسم وجملة الحال مربوطة بصاحب الحال زيد بالواو .
جاء زيد وهو يسرع
نفس الكلام الا أن خبر الجملة الحال فعل .
المعنى النحوي هو معنى جملة الحال المربوطة بالواو بالإضافة الى معنى استخدام الاسم أو الفعل كما وضحت .
الحال هي خبر أي إذا قلت جاء زيد مسرعا فقد أخبرت عنه بخبرين أنه جاء وأنه كان مسرعا عند المجيء لاحظ :
جاء زيد مسرعا ... أسرع زيد جائيا
حاء زيد يسرع ... أسرع زيد يجيء
جاء زيد وهو مسرع ... أسرع زيد وهو جاءٍ . أي جائي .
جاء زيد وهو يسرع ... أسرع زيد وهو يجيء
إنما جاز هذا لأن جملة الحال مكونة من خبرين خبر هو الفعل العامل في الحال وخبر هو الحال .
فإذا عرفنا أن الحال خبر فيجب أن يكون في واو الحال شيء من معاني واو العطف لأن واو الحال أصلها واو العطف .
واو العطف فيها شيآن:
التشريك والربط
التشريك يتعلق بالإعراب وبالتالي المعنى الناتج من الإعراب أي أنك لاتستطيع أن تقول:
جاء زيد عمرو أحمد
لأن الفعل لايمكن أن يصل بنفسه الى أكثر من فاعل .
ولكن تقول:
جاء زيد وعمرو وأحمد
فالفعل وصل مباشرة الى الفاعل الأول أي وصل بنفسه اليه .
وساعدته الواو في الوصول الى الفاعلين الآخرين .
وقل هكذا في الجمل وهذا هو معنى التشريك .
ومعنى الربط كقول شوقي:
خدعوها بقولهم حسناء
والغواني يغرهن الثناء
عندنا جملتان:
جملة:خدعوعا بقولهم حسناء
وجملة:الغواني يغرهن الثناء
وهي تحتاج الى ربط فلا يصح أن تقول:
خدعوها بقولهم حسناء الغواني يغرهن الثناء.
فربطهما الشاعر بالواو .
ولكي تعرف معنى الربط لاحظ:
خدعوها بقولهم حسناء
إنَّ الغواني يغرهن الثناء
ربطت الجملتان بإن المؤكدة .
وإن ليس فيها تشريك في الإعراب .
يعني الربط وصلة أو مانسميه توصيلة بين شيأين والتشريك مساعدة العامل في الوصول الى المعمول مثل مساعدة الفعل في الوصول لأكثر من فاعل .
قال النحاة أن العرب حذفوا من واو الحال التشريك وأبقوا فيها الربط ثم استخدموها في الحال ومن هنا نشأت واو الحال .
فصارت بهذا جملة الحال إذا ربطت بالواو كأنها جملة مستقلة وليست تابعة أي ليست جزءا من جملة الفعل العامل فيها أي لوقلت:
جاء زيد وهو مسرع
فهذه جملة واحدة مكونة من فعل وفاعل وحال . لكن الحال جملة .
لكنها كأنها جملة مستقلة مث لو أنك قلت :
جاء زيد وأسرع لما جاء
فهذه جملتان معطوفتان على بعضهما بواو العطف والجملة التي بعد الواو جملة مستقلة وليست تابعة للجملة التي قبل الواو .
ومن هنا أي من كون الحال خبرا ومن ربطها بالواو اذا كانت جملة صارت الحال الجملة إذا ربطت بالواو لها أهمية خاصة وكأنها جملة مستقلة .
يقول تعالى(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)
جملتا(وأنت فيهم)(وهم يستغفرون)كلتاهما في محل نصب حال وأهميتهما واضحة .
وهذا المعنى يكون في الواو اذا كان حكمها النحوي واجبا أو جائزا .
والله أعلم