نسمع كثيرا اليوم في سورية الجديدة (والأمر منطبق في كل دولة أيضا)في ظل تغيير البنية السلطوية بشكل كامل تقريبا نسمع عن قيام وفد بتهنئة المحافظ فلان ومدير المنطقة علان والمسؤول بلان والوزير هيان بن بيان
هذه الثقافة ليست موجودة في مفهومنا الإسلامي لأن هذه مسؤوليات جسيمة تلقى على مناكب هؤلاء لا هي ثروة ولا مولود ولا نجاح في الدكتوراة الخ وبالتالي فهم على خطر كبير من إمكانية عدم القيام بها حق قيامها لا سمح الله ما يؤدي إلى حساب عسير يوم القيامة بل قد يحاسب قبله في الدنيا أيضا
لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها: لم لم تمهد لها الطريق يا عمر
لا نقول أقيموا لهم تعزية وإن كان قولنا عزّوهم وواسوهم في هذه الفترة العصيبة من إعادة إحياء دولة محطمة شبه معدمة خرجت من الهولوكست مقبولا في ظل تضاعف المسؤولية في هذا الظرف الاستثنائي
نعم لتذهب الوفود لتناصحهم وتسدي لهم المشورة وتضعهم في صورة ما هم مقدمون عليه لا لتهنئهم
وليعلم كل منا أن المكاسب المالية من أي منصب في الإسلام هي شبه معدومة والمسؤول لا يتقاضى في الإسلام شيئا أكثر بكثير من باقي موظفي الدولة وليس في الإسلام إمكانية الاغتناء من تسنم منصب ما بل هناك مفهوم الكفاية والحياة الجيدة على الأكثر لا غير مثله مثل أي موظف في الدولة ولا يعطى زائدا على هذا إلا ما يستدعيه عمله من سيارة مثلا وحرس وغيره
المسؤول في الإسلام ماديا مثله مثل جميع أفراد الشعب إذا شبعوا شبع وإذا جاعوا جاع وإذا أصابتهم فاقة وغيره وطّن نفسه أن يكون مثلهم
عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: أصاب الناس سنة غلا فيها السمن، وكان عمر يأكل الزيت فيقرقر بطنه، فيقول: قرقر ما شئت فوالله لا تأكل السمن حتى يأكله الناس، ثم قال: اكسر عني حره بالنار فكنت أطبخه له فيأكله.
و نحن ندعو إلى تفعيل قانون قديم جديد دائما هو قانون من أين لك هذا و دعوة أي مسؤول لتقديم كشف شامل لكل ثرواته قبل تسلم المنصب لكي لا تحدث أي إساءة في استخدام السلطة


لذلك جعل الحديث الشريف الإمام العادل أول من يُظل في ظل الله يوم القيامة ولذلك كان الرفض القاطع في الإسلام لتولية من طلب الولاية
في الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من قومي، فقال أحد الرجلين: أمرنا يا رسول الله، وقال الآخر مثله، فقال: إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه. وفي رواية لمسلم أنه قال: لا نستعمل على عملنا من أراده.
وقال أبو ذريا رسولَ اللهِ ألا تستعملْني أي في منصبٍ قال : فضرب بيدِه على منكبي ثم قال : يا أبا ذرٍّ إنك ضعيفٌ و إنها أمانةٌ و إنها يومَ القيامةِ خزيٌّ و ندامةٌ إلا من أخذها بحقِّها و أدَّى الذي عليه فيها