تَحَطَّمَتْ قُيُودِي كَمَا تَتَفَتَّتُ الصَّخْرَاتُ تَحْتَ صَلَابَةِ الرِّيحِ،
وَالظِّلَالُ الَّتِي حَاوَلَتْ أَنْ تَخْنُقَ أَنفَاسِي، تَبَخَّرَتْ أَمَامَ وَهَجِ إِرَادَتِي الَّتِي لا تُقْهَرُ.
صَرْخَةُ قَلْبِي اِنْفَجَرَتْ كَبُرْكَانٍ يَغْسِلُ جِبَالَ الألَمِ،
وَرُوحِي تَحَلَّقَتْ فَوْقَ رَمَادِ القُيُودِ المُمَزَّقَةِ، تَخْتَرِقُ سَمَاءَ الحُرِّيَّةِ بِلا هُوَادَةٍ.
لَمْ أَعُدْ أَسِيرَةً لِرَأْيٍ يَتَرَبَّصُ بِقُدُرَاتِي،
وَلَا عَبْدَةً لِمَنْظُومَةِ قُيُودٍ لَمْ تَصْنَعْ سِوَى جُدْرَانٍ،
وَلَا رَهِينَةً لِمَاضٍ يَظُنُّ أَنَّهُ يَمْلِكُ مَفَاتِيحَ قَلْبِي.
كُلُّ جُرْحٍ مَضَى أَصْبَحَ شَعْلَةً، تُضِيءُ لِي دُرُوبَ القُوَّةِ،
وَكُلُّ دَمْعَةٍ ذُرِفَتْ صَارَتْ نَهْرًا يُغَذِّي عَزِيمَتِي، وَيَصْنَعُ مِنْ ضَعْفِي قُوَّةً لا تُقْهَرُ.
صَوْتِي، الَّذِي طَالَمَا كَتَمَهُ الصَّمْتُ، صَارَ سِيمْفُونِيَّةً تَهِزُّ كِيَانِي،
وَرُوحِي، الَّتِي كَانَتْ أَضْعَفَ مِنْ أَنْ تُقَاوِمَ، صَارَتْ عَاصِفَةً تَزِيحُ كُلَّ أَثَرٍ لِلْقُيُودِ.
الأَمْسُ لَمْ يَعُدْ يَسِيطِرُ عَلَى خُطُوَاتِي،
وَالْأَيَّامُ القَاسِيَةُ صَارَتْ جُسُورًا أَعْبُرُهَا بِثِقَةٍ،
كُلُّ لَحْظَةِ صَمْتٍ تَحَوَّلَتْ إِلَى لَحْظَةِ اِنْفِجَارٍ،
وَكُلُّ نَفَسٍ أَصْبَحَ شَعْلَةً لا تَنْطَفِئُ فِي لَيْلِ الخَوْفِ.
خُطْوَتِي الأُولَى بَعْدَ الانْعِتَاقِ كَانَتْ ثَوْرَةً عَلَى كُلِّ جِدَارٍ،
نَافِذَةً أَطِلُّ مِنْهَا عَلَى حَيَاةٍ لَمْ أَعْرِفْهَا مِنْ قَبْلُ،
حَيْثُ يَتَحَوَّلُ كُلُّ أَلَمٍ سَابِقٍ إِلَى لَوْحَةٍ إِبْدَاعِيَّةٍ،
وَكُلُّ جُرْحٍ قَدِيمٍ إِلَى أُسْطُورَةٍ تُشْعِلُ القُوَّةَ فِي كُلِّ خَلِيَّةٍ مِنْ جَسَدِي.
أَنَا الآنَ .. بِلَا قُيُودٍ، بِلَا خَوْفٍ، بِلَا اسْتِسْلَامٍ،
صِرْتُ نَارًا تَحْرِقُ كُلَّ جِدَارٍ، وَعَاصِفَةً تَهِزُّ الجُدْرَانَ الْمُتَرَامِيَةَ،
نُورًا يَنْفَلِتُ بِلا نِهَايَةٍ لِيُضِيءَ كُلَّ زَاوِيَةٍ مُظْلِمَةٍ،
وَصَوْتِي صَارَ صَاعِقَةً تَمَزِّقُ قُيُودَ الأَمْسِ.
حَطَّمْتُ قُيُودِي .. وَانْطَلَقْتُ بِلا حُدُودٍ، بِلا أَسْوَارٍ، بِلا عُذْرٍ،
أَنَا أَنَا، مُتَوَهِّجَةٌ فِي كُلِّ شُعَاعٍ مِنْ قَلْبِي،
مُتَفَجِّرَةٌ فِي كُلِّ نَبْضَةٍ مِنْ رُوحِي،
وَحُضُورِي صَارَ تَحْفَةً مِنَ القُوَّةِ،
وَأَثَرًا خَالِدًا فِي كُلِّ مَكَانٍ يَتَسَلَّلُ إِلَيْهِ الضَّوْءُ،
وَحَيَاةً جَدِيدَةً تَتَفَتَّحُ عَلَى صَخَبِ الحُرِّيَّةِ، بِلَا خَوْفٍ، بِلَا نَدَمٍ، بِلَا قَيْدٍ.