أَمْضِي مُتَّكِئَةً عَلَى جِدَارِ الصَّبْرِ، أُخْفِي تَحْتَ مَلَامِحِي أَلْفَ اِنْكِسَارٍ، وَأَبْدُو أَمَامَ العُيُونِ كَأَنَّنِي صَخْرَةٌ لَا تَنْكَسِرُ، بَيْنَمَا دَاخِلِي رَمَادُ مَدِينَةٍ أَكَلَتْهَا النِّيرَانُ.
أُوَارِبُ ضِحْكَتِي كَيْ لَا يَلْمَحُوا شُرُوخِي، وَأُخْفِي دَمْعَتِي فِي أَعْمَاقٍ تَعْرِفُ كَيْفَ تَتَجَلَّدُ، غَيْرَ أَنَّهَا تَصْرُخُ بِصَمْتٍ يُوجِعُ أَكْثَرَ مِنَ العَوِيلِ.
يَظُنُّونَ أَنَّ الصَّمْتَ قُوَّةٌ، وَمَا دَرَوْا أَنَّهُ قَبْرٌ تَتَّسِعُ جُدْرَانُهُ كُلَّ يَوْمٍ.
أَتَمَسَّكُ بِخَيْطِ أَمَلٍ وَاهِنٍ، وَأَمْضِي عَلَى حَافَّةِ الاِنْهِيَارِ، كَمَنْ يَسِيرُ عَلَى جِسْرٍ مِنْ زُجَاجٍ، يَرَى الهَاوِيَةَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ وَيَخْتَارُ ـ رَغْمَ ذَلِكَ ـ العُبُورَ.
أَحْلُمُ بِحُضْنٍ يَلْقَانِي بِلَا أَسْئِلَةٍ، بِصَوْتٍ يُرَبِّتُ عَلَى وَجْعِي كَتَرْتِيلٍ سَمَاوِيٍّ، بِيَدٍ تَمْسَحُ غُبَارَ الرَّحِيلِ عَنْ جَبِينِي، وَتُعِيدُنِي طِفْلَةً آمَنَتْ يَوْمًا أَنَّ الدُّنْيَا أَوْسَعُ مِنْ جُرْحٍ.
أَحْلُمُ بِسَلَامٍ يُشْبِهُ اِنْبِثَاقَ الفَجْرِ مِنْ رَحِمِ لَيْلٍ طَوِيلٍ، بِطُمَأْنِينَةٍ تَسْكُنُنِي كَمَا يَسْكُنُ البَحْرُ مَرَافِئَهُ، لَا يُزَاحِمُهَا فِيهَا خَوْفٌ، وَلَا يُرْبِكُهَا اِنْتِظَارٌ.