قمر المساء الجديد
في صحن السماء تقافزت النجوم راقصة على أنغام أفراح الليل حين تصاعدت زغاريد النسوة على حركات انتشاء الصبايا، فسألت نفسي : متى يهنأ البلبل وتغفو القصيدة على أبواب الحلم؟

سمعت سؤالي شمس كانت توشك على المغيب فمرت خجلى من خلف لجين القمر وضمته بحنان دفئها فتساقط نور بهيج من أعالي الفضاء، اخترق شباك نافذتي المفتوحة على الهواء والحياة فسألت:
- من أنت بوجهك الجديد؟

ابتسم ابتسامة العاشق العذري ولوح لي بضفائره البرتقالية :
- أنا من يسكب عطري على نفوس العشاق والمحبين!
بتعجب رحت أنظر إليه بشغف لم أعرف له سبباً:
- لكنك تغيب وقلما ترتدي هذا الثوب الجميل الذي يدغدغ خلايا القلب وفرحه. خرجت من بين شفتيه ابتسامة تشبه سرور وغبطة الزهر في فصل الربيع، وبدأ يعلو ويعلو حتى امتشق بنوره قامة السماء مثل أميرة عذراء في قصور ألف ليلة وليلة.

اغتسلت روحي بهذه الروعة من هذا الجمال الآخاذ وعاودتني ذاكرتي للهيام به أكثر من كل مرة، ولم أكن أدري أنه يقرأ كل أفكاري :
- أعرف أنك عاشقة لي لهذا جئتك بثوب جديد ومساء قمري ممزوج بلون الشفق، فأنا بك أحيا ومن حبك أستمد نسغ وجودي وضوئي وانبهار العالم بي.

تحركت النجوم بفرح فيه إسراف من شرب من خمر العشق المعتق بأريج الحضور والغياب، كانت مثل حسناوات في غابة شجراء كثيفة الظلال ترقص بحرية وتغني للأمل مبتهجة بلا منغصات وبلا حواجز.
كررت نداء لهفتي ، اشتد بريقه البرتقالي الذي دغدغ كياني مثل زُغب القطا فاشتهيت الصعود إليه، الدوران حول فلكه لأشاطر النجوم والكواكب إحساسها بجمال اللحظة .
وسألت نفسي مجدداً:
- أي لحن ذاك الذي تموج به روحي؟ أي نغم ذاك الذي تعزفه أوتار قلبي؟.
وبدأت أشدو..

أصبح قريباً من نافذتي وراح يرشقني بروائح العطر السماوي، مددت يدي، أمسكت بضفيرة من ضفائره المرسلة إليَّ، تسلقت عليها، بلا عناء وجدت نفسي على قمة عرشه الذي يضاهي بجماله كل عروش ملوك الدنيا، وهناك توضأت من غيث السماء حين مرت بالقرب مني سحابة بيضاء، رشفت منها بضع قطرات فارتويت، وجلست أنظر.
حوريات ترقص، وحوريات تغني، ونهر شمعي يجري بهدوء، هل هذه جنتك؟ هل أنا في فردوس من نعيم الحياة ؟ دعني على عرشك الذهبي، دعني هنا ولا تعيدني إلى أرض فيها بشر ملامحهم ما عادت تشبه ملامحي، أحلامي، طموحاتي، أنت خلاصي الوحيد من جحيم الحروب وهيمنة السواد وألمي على احتضار الأمة، بين يديك لن يعرف قلمي ومدادي غير لغة الفرح والحب، فدعني هنا أعيش باقي عمري على قمة السلام، فيما كانت الشمس تمشط جدائل استعدادها لنهار جديد.
16/12/2006