أخبرنا القـرآن الكريم أن الملائكة قد استغربوا وتساءلوا - عن الجدوى والحكمة - من استخلاف الخالق عـز وجل - للبشر في الأرض - لغرض عبادته ؛ في حين أن الملائكة تعبده كما ينبغي وتسبّـح بحمده وتقـدّس له ..!

وأخبرنا أن استغراب الملائكة كان بسبب علمهم بأن البشر سيُـفسدون في الأرض ويسفكون الدماء ..!

وأخبرنا القـرآن كذلك أن الملائكة - ورغم تحفظهم على سلوك البشر ، ورغم علمهم بأن البشر لن يعبدوا الله حق عبادته ..
إلا أنهم سجدوا جميعاً لأبي الإنسانية – آدم عليه السلام - امتثالاً لأمـر الله عز وجل – الذي كـرّم آدم - بذلك الأمـر الجليل العظيم الكبير المهيب – ألا وهو نفخ الله من روحه في آدم .. ؛

وعَلِـمنا أن الله سبحانه وتعالى لم يغضب من تساؤلات ملائكته ؛ بل أجابهم عليها بتجربة عملية أثبتت للملائكة قصورهم المعرفي ومحدودية علمهم بملكوت الله وبأسـرار خلقه ومآل الأمور وفق مشيئته ..

وكذلك أخبرنا القرآن الكريم في هذا الصدد أن الخالق جل جلاله - لم ينفِ عن البشر نزعتهم العدوانية بسفك الدماء والإفساد في الأرض ..؛
ولكنه راهن على ما أودع فيهم من عقل وعلم ومعرفة - كفيلة بأن تقودهم إلى امتثال أوامره جلّ في عـُلاه ، وتـُعينهم على مقاومة نزعاتهم الشريرة – المتمثلة في الظلم والنابعة من الجهل ..


أما عن إبليس (الشيطان) ، فإننا نعلم من خلال ما ورد في شأنه في القـرآن الكريم .. أنه قد بَـاءَ بغضب الله واستحق لعنته .. ولم يكن ذلك بسبب تهاونه في العبادة ، ولا كفـرٍ منه ولا شركٍ بالله ، ولم يكن بسبب قتل النفس التي حـرّم الله قتلها بغير الحق ، ولم يزنِ ، ولم يخن أمانة ، ولم يبع وطناً ، ولم يأكل الربا ولا لحم الخنزير ولم يشرب الخمـر ، ولم يظلم أحـداً ..!

ولكن .. كان من إبليس أن تساءل عن أحقية آدم في سجوده له . وكان تساؤله مصحوباً برفضٍ للسجود - متجاهلاً أنه بذلك يكون قد رفض أمـر الله- بغض النظر عن المُـكـرّم بالسجود .. والذي كان- حينها - آدم عليه السلام ..!

ويتضح لنا أن السبب في جنوح إبليس عن طاعة الله- رغم علمه بضعفه أمام قوة الخالق- كان نابعاً من تكبـّر الأنا داخله - على الآخـر الذي هو آدم عليه السلام ..! .. وذلك بسبب الغيرة والحسد ؛ حيث أن تكريم آدم بالسجود له قد أغاظ إبليس ولم يَـرُقْ له ، فتكبـّر فأعماه ذلك عن طاعة الله .. اعتماداً –خاطئاً- منه على صواب تحليله للأمـر ..

إذاً كان ذنب إبليس الذي استحق به لعنة الله وغضبه .. هو الحَـسَـدَ والغيرة والتكبّرَ على مخلوق آخـر - رآه أضعف وأهـون وأقل منه شأناً ..!

فهل بين الدينيين الموحدين مِـنْ بني البشر مَـنْ يحمل مثل هذا الفكـر القاصـر ..!

(( عقل الإنسان يقوده باتجاه طاعة الخالق تشبّـهاً بالملائكة .. وجهله يقوده صوب غفلة إبليس ..! )) .

فكيف للإنسان تحديد موقعه بدقة ، حتى يُـدرك أين يقف ، وأين عليه أن يتجه ..!
وهل يتخذ الإنسان قـراراته المصيرية بمحض إرادته وبكامل وعيه ..!

يمكن اختصار التساؤلات كالآتي :
1- هل بين البشـر من هو أهلٌ للقب الملاك ..! وهل منهم مـن يستحق لقب الشيطان – نسبة لسلوك إبليس ..!
2- من هـو الجاهل ؛ وما مدى مسئوليته عن جهله ..! وهل يعلم الجاهل بجهله ؛ وهل من عـلاجٍ لإزالة الجهل من فكـر الجاهل ..!

الإجابة الفكرية - أرجو أن نشترك جميعاً في وضعها هنا .. بعد أن تحظى هذه المقدمة البديهية بآراء الزملاء وتعليقاتهم ..


دمتم بخير ..