الأسئلة الصفية
أغراضها وكيفية صياغتها واستخدامها

أهمية الأسئلة الصفية
تعتبر الأسئلة الصفية من الأهمية بمكان ، بحيث لا يستطيع أحد أن ينكر أو يحجم الدور الذي تقوم به الأسئلة في التربية الحديثة داخل غرفة الدراسة. فهي تمثل عادة قسما كبيرا من وقت التدريس ، وتعتبر وسيلة هامة لتهيئة مرحلة التعلم وبدئها ، كما ترعى النشاط التعليمي ، وترفع من فعاليته ، وتزود التلاميذ بتوجيهات بناءة ضرورية ، ومحفزات مباشرة لتعلمهم .

أغراض الأسئلة الصفية
مما لاشك فيه أن لكل سؤال يطرحه المعلم غرضا معينا يريد من تلاميذه أن يحققوه أو ، يقوموا بإنجازه . وقد حصر بعض التربويين الأغراض التي ترمى إليها أسئلة المعلم وهى كالتالي :
1 ــ حث تلميذ معين على الاشتراك في التعليم الصفي ونشاطاته .
2 ــ جذب انتباه التلاميذ .
3 ــ تشجيع التلاميذ وحثهم على المناقشة .
4 ــ إعطاء توضيح لمشكلة معينة ( تنظيمية أو تعليمية ) .
5 ــ الاستفسار عن أعمال وواجبات التلاميذ الغائبين والمقصرين .
6 ــ تشجيع التلاميذ على الإجابة الصحيحة وتوجيههم إليها .
7 ــ التعرف على نشاطات التلاميذ الخاصة ، وعلى حاجاتهم أو مشاكلهم .
8 ــ التأكد من فهم التلاميذ .
9 ــ تحليل نقاط الضعف عند التلاميذ .
10 ــ اختبار معرفة التلاميذ للموضوع .

خصائص تقليدية للأسئلة الصفية
عُنى التربويون منذ مطلع العصر الحديث بالتعرف على أسئلة المعلم الصفية ، واهتموا بها وبخصائصها ، وأنواعها واستعمالاتها اهتماما كبيرا . وتوصلوا بعد دراسات تربوية جادة إلى أن أسئلة المعلم الصفية تتميز في الغالب بالصفات التالية :
1 ــ إن معظم أسئلة المعلم موجهة عادة لحفظ النظام في غرفة الدراسة . فالمعلم بدلا من أن يوفر جوا طبيعيا يشجع التلاميذ على الفهم والاستيعاب والمشاركة الصفية ، يضفى عليه جوا مشدودا يكون التلاميذ خلاله متوتري الأعصاب .
2 ــ إن عددا كبيرا من أسئلة المعلم يقصد منها إجابات قصيرة جدا من التلاميذ . وهذا يعنى أن المعلم يقوم بمعظم العمل أو الحديث الصفي بدلا من قضائه معظم الوقت في توجيه التلاميذ ليعملوا شيئا مفيدا ، أو ليفكروا لأنفسهم .
3 ــ إن عددا كبيرا من أسئلة المعلم موجهة عادة لأغراض التذكر اللفظي ، والحكم السريع غير الناضج من قبل التلاميذ لرأى أو حقيقة معينة . وبذلك فإن وقتا قليلا جدا يتوفر لديهم فى مثل هذه الحالات للتفكير .
4 ــ إن عددا كبيرا من أسئلة المعلم لا ينمى في التلاميذ حسن التعبير ولا يهتم بصقله ، خصوصا عندما يقوم المعلم بتوجيه عدد كبير من الأسئلة التي تحتاج لإجابة سريعة منهم في وقت محدد وقصير . ومثل هذا الظرف التعليمي لا يعطى التلاميذ الفرصة لصقل أساليب إجاباتهم ، ولا يسمح للمعلم أن يلاحظ بعناية الأخطاء اللفظية لهم .
5 ــ إن عددا كبيرا من أسئلة المعلم تتجاهل التلميذ كإنسان مفكر له اعتباره واستقلاله وحقه في أن يبادر ويسأل ويستفسر .
6 ــ إن عددا كبيرا من أسئلة المعلم يشير إلى أنها تزداد يوما بعد يوم في تركيزها على المعرفة لذاتها ، واستعمال غرف الدراسة لعرضها والتباهي بها ، بدلا من أن يكون الهدف وراء المعرفة هو كيفية استعمالها والاستفادة منها .
7 ــ إن عددا كبيرا من أسئلة المعلم يشير إلى أن محاولاتنا التعليمية الرسمية غالبا ما تتجاهل تعليم التلاميذ الاعتماد على النفس والتفكير المستقل .

سبب اتسام أسئلة المعلم بالصفات السلبية السابقة :
يعود السبب فى اتصاف أسئلة المعلم بالسلبيات السابقة إلى الآتي :
1 ــ عدم الكفاية التدريبية للمعلم في كيفية صياغة الأسئلة ، وتوجيهها ، وملاءمة أنواعها المختلفة لحاجات التلاميذ التعليمية والنفسية .
2 ــ الكثرة العددية للأسئلة " دون مراعاة لنوعها " التي يوجهها المعلم لتلاميذه خلال الحصة الواحدة ، والتي تؤدى إلى نتائج عكسية من أهمها :
أ ــ استبداد المعلم بمعظم وقت الحصة .
ب ــ مشاركة التلاميذ الروتينية والشكلية في عملية التعلم ، والتي ينتج عنها في الغالب تعليم أو تذكر عابر للحقائق والمعلومات الصغيرة الهامشية .
كيفية المعالجة :
لكي يتخلص المعلم من السلبيات السابقة المتعلقة بالأسئلة الصفية المطروحة على التلاميذ يجب مراعاة الآتي :
تقليل المعلم لعدد الأسئلة التي يمكن أن يوجهها لتلاميذه خلال فترة محددة ، بحيث يسمح هذا التقليل بتوفر وقت مناسب يتيح لهم التفكير المستقل ، والصقل اللغوي وحسن التعبير لأدائهم .
ما يمكن أن تؤديه محدودية الأسئلة الموجهة للتلاميذ من فوائد :
1 ــ تزيد من استجابات ومشاركة التلاميذ الصفية .
2 ــ تزيد من عدد الإجابات الصحيحة المناسبة للتلاميذ .
3 ــ تقلل من الإجابات الخاطئة ، أو فرص فشل التلاميذ فى الإجابة .
4 ــ تزيد من فرصة التفكير التأملي والاستنتاجي للتلاميذ .
5 ــ تقلل من دكتاتورية وتسلط المعلم على أكبر جزء من وقت الحصة ، ونشاطات عملية التعلم .
6 ــ تزيد من عدد الأسئلة التي يمكن أن يوجهها التلاميذ للمعلم .
7 ــ تزيد من عدد استجابات ومشاركة التلاميذ بطيئي التعلم في النشاطات الصفية .
كما أن عملية تقليل الأسئلة ، وتحلى المعلم بالصبر والأناة في إعطائها قد تؤدى إلى الفوائد التالية :
1 ــ تساعده في أن يكون مرنا مؤثرا في تدريسه وأسئلته .
2 ــ تمنحه الفرصة لتوجيه أسئلة مفيدة ومتنوعة .
3 ــ توفر له وقتا لتفهم مشاكل التلاميذ ونفسياتهم .

الأسئلة الصفية اختبارية أم تعليمية ؟
مهما بلغت الأسئلة الصفية وأنواعها المختلفة من الأهمية ، فإن غالبية المعلمين تركز بقصد أو بدونه على أسئلة التذكر التي تهدف عادة إلى استرجاع أو استعادة التلاميذ لمعلومات وحقائق متفرقة . يتجاهل عادة هذا النوع من الأسئلة الذيس يخص نفسه بالمراحل الدنيا من تفكير الفرد وقدرته الإدراكية " الاسترجاع والاستعادة " شعور المتعلم وعواطفه وقيمه وحاجاته ، والاستفسار عنها ومحاولة علاجها . ومع اختلاف الأسئلة الصفية وتنوعها فإنها لا تخرج عن نوعين رئيسين هما :
1 ــ الأسئلة الاختبارية التقويمية . وتركز على نهاية التدريس والتحقق من مدى فاعليته ، بالتأكد من توفر المعارف والقدرات الجديدة عند التلاميذ " نتيجة التدريس " .
2 ــ الأسئلة التعليمية التدريسية . تهتم بعملية تعلم التلاميذ ، والتركيز عليها ، ومحاولة إحداث المعارف والقدرات الجديدة من خلالها .

خصائص كل من الأسئلة التعليمية والتقويمية :

خصائص الأسئلة التعليمية خصائص الأسئلة التقويمية
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
1 ـ تستعمل خلال عملية التعليم لزيادة 1 ـ تستعمل في نهاية عملية التعليم
العمل وتقدمه . لقياس مدى ما تحقق من أهداف وقدرات .
2 ــ تقود المتعلم لاكتشاف المبادئ 2 ـ ترمى إلى التحقق من تعلم المبادئ
والقواعد ذات التطبيقات والتضمينات والحقائق للتلميذ .
الواسعة العامة .
3 ـ يمكن تعديلها وتكييفها لحاجات 3 ـ تتخذ صيغة موحدة ، وهي في الغالب
التلميذ واستعداداته ، بمعنى أنها يمكن واحدة لجميع التلاميذ في التعليم الجماعي
أن تختلف من تلميذ إلى آخر . التقليدي .
4 ـ تساعد المعلم على تحليل أخطاء 4 ـ تساعد المعلم على معرفة مجموع
ونقاط ضعف التلميذ لمحاولة الأخطاء لدى التلميذ لتقرير قدرته
علاجها وتصحيحها . ومعدله العام .
5 ـ تتصف بقيمة كبيرة في البرامج 5 ـ تتصف بقيمة كبيرة في البرامج
الموجهة لخدمة الفروق الفردية ، الموجهة لمعرفة حاجات التلميذ المختلفة
خلال عملية التعلم . ومعرفة مدى براعته طبقا لمقاييس
اختبارية ثابتة .
6 ـ ليست لها صفة تهديدية 6 ـ تتصف عادة بدرجة عالية من
للتلميذ ، كالخوف أو الفشل أو الرهبة . الخوف ، والتهديد بالفشل للتلميذ .
7 ـ تعطى للتلميذ بشكل غير 7 ـ تعطى للتلميذ بشكل مقنن ،
رسمي ، ودون تجهيز أو تقنين وجاهز .
مكتوب مسبق .

الأسس العامة لصياغة واستعمال الأسئلة الصفية :
لاشك أن المعلم ينفق في كثير من الأحوال العادية للتدريس جزءا كبيرا من وقت الحصة في توجيه الأسئلة لتلاميذه واستخلاص إجاباتهم عليها . وبقدر ما تكون هذه الأسئلة واضحة مناسبة في صياغتها واستعمالها ، بقدر ما تحقق الفائدة المرجوة منها ، وحتى تستطيع الأسئلة الصفية إحداث التغييرات والتأثيرات الإيجابية المطلوبة بالقدر الكافي ، يتوجب على المعلم عند صياغتها واستعمالها في التعليم مراعاة الأسس التالية :
1 ــ ارتباط الأسئلة بموضوع التدريس والخبرات الواقعية للتلاميذ .
2 ــ توقيت الأسئلة السليم لمجريات الحصة ومناسبتها . فعلى المعلم أن يتعرف على ماهية ما يجرى في الفصل ، ثم يسأل بما يتلاءم معه .فإذا كان ما يجرى في الحصة ـ على سبيل المثال ـ تشكيل التلاميذ لمفهوم معين عندئذ تكون الأسئلة في هذه الحالة استقرائية تختص بالتذكر والتعرف والتمييز . وقس على ذلك .
3 ــ وضوح الأسئلة لغويا وصحتها البنائية . يجب على المعلم أن يراعى في أسئلته استعمال مفردات عامة يفهمها كافة أفراد التلاميذ متجنبا الألفاظ الصعبة والغريبة ، كما ينبغي
عليه استخدام اللغة العربية الفصحى ، الخالية من الأخطاء النحوية والصرفية ، ومبتعدا ما أمكن عن الألفاظ والمصطلحات العامية .
4 ــ وضوح وسهولة فهم الأسئلة من الناحية الفنية .
5 ــ تنوع مستوى الأسئلة الإدراكي والشعوري والحركي . بحيث لا تقتصر أسئلة المعلم على نوع واحد أو مستوى سلوكي منفرد ، لأن هذا يميت الفكر ، ويقولب التلاميذ في إطارات ونماذج سلوكية ومفاهيم محددة لا تصلح للاستعمال في المواقف المدرسية والحياتية المتجددة ، ولا تستطيع الاستجابة لها بفاعلية . ومن هنا يراعى المعلم في صياغة أسئلته أن تكون متنوعة شاملة للنواحي الآتية :
* الأسئلة الإدراكية : معرفة ، استيعاب ، تطبيق ، تحليل ، ربط ، تقويم .
* الأسئلة الشعورية : الوعى ، الانتباه ، القبول ، الاستجابة ، الارتضاء والتفضيل ، التنظيم والدمج والتبني القيمي .

* الأسئلة الحركية :
وتتدرج هذه الأسئلة في اختصاصها من الحركات البسيطة إلى المركبة ، مثل الحركات الجسمية ، الحركات المتناسقة ، الإيماءات وتعابير الوجه ثم الكلام أو التحدث .
6 ــ تنوع اختصاص الأسئلة . بمعنى أن تكون الأسئلة خليطا متنوعا ومناسبا من الإدراك والشعور والحركة خلال الحصة الواحدة .
7 ــ تنوع متطلبات الأسئلة الإنجازية . بحيث تكون الأسئلة شفوية حينا ومكتوبة حينا
آخر ، وعملية تطبيقية أحيانا ثالثة .
8 ــ تدرج الأسئلة من السهل إلى الصعب ، ومن البسيط إلى المركب . بمعنى أن يتبع المعلم في أسئلته المنهج الاستقرائى ، لأنه يساعد التلاميذ على تجميع أفكارهم وإجاباتهم ، وبناء إدراكهم خطوة بخطوة .
9 ــ اختصاص الأسئلة بإجابة واحدة محدودة . بحيث يستطيع التلميذ من خلال السؤال أن يجيب في المرة الواحدة بجزء صغير من المعلومات أو الخبرات ، يسهل معها لأفراد تلاميذ الفصل إبداءها والمشاركة بها .
هذا وإلى اللقاء في محاضرة قادمة بإذن الله .

أعداد
الدكتور / مسعد محمد زياد