شَبَابِيكُ صَمْتِي..


يُفَتِّحُ صَمْتِـي لِـي شَبَابِيـكَ أَسْئِلَـهْ
عَلَيْهَا دَمُ الشَّكْـوَى، وَدَمْـعُ قَرَنْفُلَـهْ
وَقُمْصَانُ صَبْرِي قَـدْ تَـرَدَّدَ نَسْجُهَـا
فَخَيْطٌ صَحَارَى؛ جَنْبَـهُ عُـودُ سُنْبُلُـهْ
وَخَيْطُ غِنَـاءٍ بَيْـنَ أَخْيَـاطِ صَرْخَـةٍ
بِطُولِ لِسَـانٍ شُـدُّ مِـنْ فَـمِ قُنْبُلَـهْ
تَلَوْتُ عَلَـى خَـدَّيَّ فَاتِحَـةَ الْبُكَـى
مُمَلَّحَةً بِالضَّـوْءِ مِـنْ جَفْنَـيِ الْوَلَـهْ
تَمُرُّ -عَلَي عَيْنَيْ سُطُـورِي- أَصَابِعِـي
وَفِي كَتِفَيْهَا الْحَرْفُ (حَمَّـالَ أَخْيِلَـهْ)
وَحِبْرِي عَلَـى خَـدِّ الدَّفَاتِـرِ سَاخِـنٌ
بِنَـارِ الـرُّؤَى؛ الأَحْـلامُ مِنْـهُ مُبَلَّلَـهْ
وَأَسْتَـارُ شُبَّاكِـي تُعَانِـدُ نَظْـرَتِـي
بِبَعْثَـرَةٍ لِلظِّـلِّ فِـي كُـلِّ مَسْـأَلَـهْ
أُفَتِّشُ صَمْتِي عَـنْ وَلَـوْ ثُقْـبِ إِبْـرَةٍ
مِنَ الْحُلْمِ؛ وَالأَبْـوَابُ حَوْلِـيَ مُقْفَلَـهْ
أَفُتِّـشُ عَـنْ عُصْفُـورَةٍ لِتُجِيبَـنِـي
بِزَقْزَقَـةٍ مِـنْ غُصْـنِ صَوْتِـي مُهَدَّلَـهْ
فَتَطْلُعُ لِي مِـنْ قَلْـبِ نَقْشِـي فَرَاشَـةٌ
جَنَاحٌ -لَهَا- حَـلٌّ، وَآخَـرُ مُشْكِلَـهْ
وَأَمْشِي عَلَـى شَـطِّ الْمَحَابِـرِ حَافِيًـا
عَلَـى قَدَمَـيْ حَقْـلٍ يُؤَبِّـنُ بُلْبُـلَـهْ
تُرَاوِدُنِي -عَنْ زَفْـرَةِ الضَّـوْءِ- كِلْمَـةٌ
لأُعْمِـيَ بُرْهَانِـي بِأُخْـرَى مُكَمِّـلَـهْ
فَيَا رَبِّ، هَلْ تُبْقِي الْقَصِيـدَةُ جِذْرَهَـا
بِطَمْيِ عَذَابِـي؛ حَرْفُهَـا تَمْـرُ بَلْبَلَـهْ
وَتَبْقَي سُطُـورِي لِلسُّـؤَالِ (لِوَحْـدِهِ)
شَوَارِعَ؛ مِنْ أَعْصَابِ عَجْـزِي مُطَوَّلَـهْ
بَنَيْتُ عَلَـى الأَوْرَاقِ ضَـوْءَ عُرُوبَتِـي
فَأَسْقَطَهُ مِـنْ صَرْخَـةِ الْقُـدْسِ زَلْزَلَـهْ
وَعَزَّيْتُ نَخْلِي فِي الْعِـرَاقِ، وَشَيَّعَـتْ
صَغِيرِي -لِقَبْرٍ فِـي فِلَسْطِيـنَ- أَرْمَلَـهْ
وَأَطْعَمْتُ أَحْلامِـي سَنَابِـلَ كِلْمَتِـي
عَلَى كَفِّ ليْلٍ كَـمْ سَهِـرْتُ لأَسْأَلَـهْ
أَمـدُّ ذِرَاعِـي، لامِسًـا بِمَوَاجِـعِـي
سَمَـاءً بِأَحْـلامِ الْعِـبَـادِ مُوَكَّـلَـهْ
شَبَابِيكُ صَمْتِي -يَا حَقِيقَةُ- قُلْـنَ لِـي
بِأنَّكِ -فِي شِعْـرِي- عَـرُوسٌ مُؤَجَّلَـهْ
رَأَيْتُكِ فِـي الْقُـرْآنِ بِكْـرًا؛ وَكُلَّمَـا
لَمَسْتُ يَدَيْكِ، اخْضَرَّ -فِي نَبْضَتِي- صِلَهْ
تَزُفِّيـنَ ضَـوْءًا مُسْلِمًـا مُنْـذُ أَوَّلِـي
لآخِـرِ وَرْدِي فِـي قَصَائِـدَ مُقْبِـلَـهْ
تُرَبِّـتُ عَيْنَـاكِ (الصَّبَاحَـانِ) زُرْقَتِـي
وَكَانَتْ -بِرُكْنٍ مِنْ سَحَابِـي- مُعَطَّلَـهْ
سَلَكْتُ سَبِيلَ الشِّعْرِ وَحْدِي، وَلَمْ أَجِـدْ
لِحُوتِيَ يَمًّا فِي سِوَى الشِّعْـرِ مُـدَّ لَـهْ
فَرُحْتُ أُرَبِّـي فِـي خَيَالِـي قَصائِـدِي
عَلَـى لُقَـمٍ مِـنْ غُـرْبَـةٍ مُتَخَيَّـلَـهْ
وَصَدَّقْتُ أَنَّ الضَّوْءَ حَـرْفٌ بِـلا فَـمٍ
وَلا أَيِّ رَسْـمٍ وَاضِـحٍ كَـيْ يُمَثِّلَـهْ
مَشَيْتُ مَعَ الْمَاشِينَ فَـوْقَ سُطُورِهُـمْ
نُعَوِّضُ بِالأشْعَـارِ مَـا الْنَّقْـصُ سَوَّلَـهْ
نَقُولُ: اغْتَرَبْنَا وَاغْتَرَبْنَا... بَـل انْتَهَـى
بِنَا الْحَرْفِ فِي غَابَاتِ كَشْفٍ مُضَلِّلَـهْ!!
أَنَخْلُـقُ مِـنْ طِيـنِ الْحُـرُوفِ إِلَهَـةً
وَنَذْبَحُ –كَيْ تَرْضَى- قَرَابِيـنَ أَسْئِلَـهْ؟!
وَنَحْسـبُ أَنَّـا أَنْبِـيَـاءُ؛ وَكُلِّـفُـوا
بِرَسْـمِ وُجُـوهٍ لِلْحَقِيقَـةِ مُذْهَـلَـهْ؟!
تَرَكْنَاكِ طَوْعًـا فِـي حُقْـولِ مُحَمَّـدٍ
(عَلَيْـهِ صَـلاةٌ بِالْقَبُـولِ مُكَلَّـلَـهْ)
وَضِعْنَا وَرَاءَ الْمَوْجِ نَبْحَـثُ عَـنْ رُؤًى
مُعَطَّـرَةٍ بِالْوَهْـمِ مِـنْ وَرْدَةِ الْبَـلَـهْ
لَبسْتُ قَمِيصًا مِنْ رُجُوعِي إِلَيْـكِ؛ فِـي
جُيُوبِي (مِـنَ الأَقْـلامِ) إِيمَـانُ سُنْبُلَـهْ
تُجِيبِيـنَ صَمْتِـي فَـوْقَ نَخْلَـةِ آيَـةٍ
تُرَبِّـي حَمَامَـاتِ السَّـلامِ الْمُنَـزَّلَـهْ
ويفْتَـحُ شُبَّاكِـي الْفُضُولِـيَّ بُلْـبُـلٌ
عَلَى غُصْـنِ أَحْكَـامٍ بِنَبْضِـي مُرَتَّلَـهْ
وَتَنْسـجُ لِـي كَفَّـاكِ بُـرْدَةَ عَـابِـدٍ
بِخَيْـطِ شُعَـاعٍ مِـنْ أَهِلَّـةِ بَسْمَلَـهْ
فَبِاسْمِ الَّذِي حَاءُ الْحَقِيقَـةِ فِـي اسْمِـهِ
وَفِي قَافِـهِ الْقَافَـانِ تَفْصِيـلُ مُجْمَلَـهْ
سَأَنْقُشُ حَلِّـي فِـي جِـدَارِ دَفَاتِـرِي
وَفِي جَفْنَيِ الأَسْتَـارِ إِنْ تَبْـقَ مُسْدَلَـهْ