حين يُغار الرجل ويفقد سيطرته على كبح الجماح،ستكون هناك ثورة عارمة احتشدت لها كل ذرات المشاعر وجيوش الأحاسيس حاملين النيران على رؤوس الحِرابِ، ولا أدري ما علاقة الغيرة بالمشاعر هل هذه جزء من تلك أم تلك جزء من هذه ؟؟!! لا أعلم هذه العلاقة ، ولكني أعلم بأن الرجل أسد يثورُ وبراكين تتأجج بداخله.
نعم أنا غيور وغيرتي تكمل رجولتي ، أنا لا أعبثُ في هذا الجانب، نعم أحبك ، فمن واجب المحب أن يُغار ، أتدرين حين تنفخين على قهوتك لسخونة التصقت بها أقولُ لماذا ذهب هذه الأنفاس لتلك الكاسة اللعينة وبفورة غضب أخطف من بين أناملك الكاسة وأضعها أمامي كالسجين ينتظر لحظة اعدامه ، وحتماً ستُعدم ، وأبحث عن مفعول تلك القهوة أين ذهبت ، التسلل إلى تلك الأنامل الناعمة جريمة في قانون مملكتي ، ناهيك عن شفاهها، وهذه جريمة أخرى أصلبك وأتلذذ بموتك البطئ .. انا أعشق بجنون سفكك الدماء وقتل الأشياء في الغيرة.
أنا لا أحبك فحسب، بل أصبحتُ أطارد كل شيء وأحاربُ كل التفاصيل التي تجمعك بها ، ما هذه المرآة التي لا تنفك تضعك بين جنبيها طول الوقت، وما تلك الأجهزة التي ترسل أبخرتها وحرارتها إلى خصلات شعرك ؟!! ولولا نبضاتي تحملك في جزئياته لما تركتها تُحدث هذا الضجيج ولتطردتها بعيداً عني من أجلك صرت أثور على بعضي، متى وكيف اقتربت هذه الأشياء منك وصارت متأصلة في يومياتك، وأين كنتُ انا ، سحقاً لهذه الأشياء التي شاركتك أوقاتك رغماً عني .. ويضيع وقتك معي.
لا تكوني لغيري ولا تبعدي عن مملكتي التي شيدتها بصبرِِ منذ كنتِ نطفة تنامين على وسائد الرحمِ، كنتُ أعلم بأنك قادمة إلىّ عبر الزمن، وها هي لوحتي التي ارسمك فيها على مدى العصورِ موضوعة بين جبين القمر، يتزين بها، وحين رأيتك وأحببتكِ ألفتُ ألف ألف كتاب في محاسن أدبك وجمالك لتقراؤها الناس ، ودونتُ ألف معلقة في كل معلقة ألف ألف بيت، عوناً للعاشقين.
وحين أفكر في نواميس القدر، أعكتف المحراب وادعو رب القلوب ، وأزيد في الدعاء بل وألحُ للرحمن سراً وجهراً أن يرد ذاك القدر الذي لا يجمعنا سويا، لذلك صرتُ أصارع كل الأشياء بما في ذلك القدر، ليس كفراً به بل لعلمي بأن بعض الأقدار تُرد بالدعاء .. كُوني لي وليس لغيري فنحن لا نشبهُ إلا سوانا .
دمتم ..