فائدة:
حول ذكر ابن رشيق في العمدة : الصلَّم، في المديد، فلعله تابع الجوهري صاحب عروض الورقة، إذْ جاء في عروض الورقة عند ذكر المديد: (... زحاف المديد: الخبن، الكفّ، الشكل، القصر، الحذف، الصلم). [ص: 19].
قال محمد العلمي في " العروض والقافية دراسة في التأسيس والاستدارك "، في معرض حديثه عن استدراكات الجوهري على الخليل:
(... أنَّه سَمَّى البتر في ضرب المديد بالصلم، وهو عنده حذف ثم قطع، فلم يخالف الخليل إذنْ إلَّا في التسمية). [ص: 250].
قلتُ: البترُ هو اجتماع القصر والحذف، لا اجتماع القطع والحذف.
فالأول رأي الخليل، والثاني رأي الجوهري.
وقد حاول العلمي أن يجد للجوهري مبررا، فقال في نفس المصدر السابق: (وعندي أن استعماله للصلم، عوض البتر في المديد، يرجع إلى إرادة التمييز بين ما يحصل في المديد والمتقارب برأيه، وإن كان ما يحصل فيهما عند الخليل شيئاً واحداً، سمَّاه باسم واحد، هو البتر). [ص: 250].
ونحن نعلم أن الجوهري لا يفرق _في عروض الورقة_ بين الزحاف والعلة، بل يجعلهما شيئاً واحداً، ولهذا كان يجري العلة في الحشو والعروض والضرب.
والقول بأن القطع والقصر شيئا واحداً؛ يلغي أهمية دلالة المصطلح، لأن القصر يقع في الأسباب المتطرفة فقط، والقطع يقع في الأوتاد المتطرفة كذلك.
ومصطلح التغيير في العروض، لم يوضع اعتباطاً، بل يحمل بيانات الوحدة الصوتية المزاحفة، من الجزء الإيقاعي ، أي الحرف المزاحف أو المعلول من التفعيلة، و يبين نوع مقطع الحرف الذي وقع فيه التغيير، هل هو سبب أم وتد، وموقع المقطع من الجزء، هل هو في البدء أم في الوسط أم في الطرف؟
فهو يربط في ذهن القائل والسامع أثناء وصفِ التغيير، بين الوحدة الصوتية والوحدة المقطعية والوحدة الإيقاعية، أي بين الحرف (من ساكن ومتحرك) والمقطع (من سبب، أو وتد)، والجزء (التفعيلة) من خماسي وسباعي، ويبيّن ما بينهم من علاقات عروضية متعددة، وما لهم من مواقع، وما يجوز لهم، وما لا يجوز كذلك .