مقالاتك في الحب يا أخي مأمون تثير عصبيتي...!!
لأني أحسبك حبيس خيال لا تتحرر منه، أو كأنك تتمنى أن يكون واقعاً، هلاَّ قمنا باستفتاء بسيط على مستوى الواحة لنتحقق من مصداقية مقالاتك الرائعة، أو مصداقية واقعنا.
إنك أشبه ممن نهل من عذب نازك الملائكة والسياب ومي زيادة ولم يكتف، فها أنت تبحث عن مثالية بلا واقع؛ أقل ما يمكنني أن أقول أنهم حين أخترعوا الـ يوتوبيا كانوا أذكياء حتى لا يقذفهم أحد بما تجرات وقذفتك به؛ لأنك تتحدث كأنك تجلس لكل رجال الدنيا وأنت منهم لتفتح لهم عوالم عرفوها ولكنهم جهلوها مع سبق الاصرار والترصد.
هناك فجوة حقيقية في علاقة الرجل بالمرأة، زادتها التكنولوجية والعزلة الفردية التي يفرضها كلاً منهما على روحه، قد يجتمعان على مضض ينهيان واجبتهما الحياتية ويمضيان، وفي قلب كل منهما شكاوى بلا عدد ولا تذمرات أكبر.
"الكثيرون يشتكون ــ وما أكثر شكاية البشر ــ فهم إن لم يجدوا ما يشتكون منه اشتكوا من أنهم لا يشتكون ، المهم أن الشكاية طبع لكن لا يجد الرجل الجرأة أن يشتكي من زوجته في حضرتها وإنما يلوث العلاقة بالشكاية للآخرين"
هو ذا، تضع يدك عليه وبقوة، البحث عن متنفس..!! هو يبحث عن متنفس ليفرغ طاقاته التي اكتسبها من اجتماع قصير بشريكته، وهي كذلك فيبحثان عن نافذة تفرغ مابداخلهما ليمارسان بعد ذلك لعبة النفاق الزوجي..
لكن حين يكون الحب حقيقة في قلب أحدهما، يبعثرها الآخر بعنجهية وغرور واستعلاء، يبحث الضحية هنا -بغض النظر عن كونه الرجل أو كونها الأنثى- عن بعض هدوء، عن متلقف يبتلع كل ما سيقوله، قد يندم لأنه للحظة اشتكى، وقد يلوم نفسه فكيف يشتكي نصفه الآخر، ولكنها لعبة النفاق الزوجي التي أتقنها الجميع وبلا استثناء.
ثم تبدأ رحلة البحث عن حب جديد؛ لأننا كما يصور "مأمون المغازي" نحيا بالحب وللحب ونتظهر بالحب، سؤال يطرح نفسه: هل الرجل حين يبحث عن الحب مجدداً يبحث عنه ليغسل بقايا روحه المتعبة، وهنا لا نلومه فمن حقه..
وهل المراة حين تبحث عن الحب من جديد لتتطهر، فقد بدأت تضع قدمها على أول سلم الخيانة، وإن كان هذا البحث مجرد خيال..
هنا اختلفت المسيمات فعالجها كما تشاء يا سيدي..!!
" لأن الحب بأدنى درجاته يعصم اللسان من القدح في الآخر حتى لو كان بينهما ما بينهما ، وذلك لأن ما انكشف من كل منهما للآخر لم ينكشف من المرأة لأب ولا من الرجل لأم "
يعصم اللسان / ضع تحتها مليون خط أحمر..!!
لو فكر منتج قوي وذوعلقية متحررة بان يعمل برنامج واقع لحياة شخصية لأية عائلة عادية، سنرى يا مأمون كيف يُعصم هذا اللسان، وللعلم أنا لا اشجع أمثال هذا الهراء ولكنها مجرد فكرة مجنونة..!!
" إنها التطبيق العملي للحب في أسمى حالاته التي لم تستح الكتب السماوية في استعراض دورها في إعمار الكون ولم يستح العلماء والمفكرون والكتاب في بيان دورها لتأصيل الحب بين الذكر والأنثى ، وهي أعظم دليل على طهر العلاقة ، لكن للأسف ؛ النعمة إذا زادت على العبد مجَّها وبحث عن البدائلِ . إنه يبحث عن بديلِ القمةِ . أي يتجهُ إلى القاعِ ، والقاعُ هُنا سحيقٌ ، وإنني أرى أن النظرة للزوجة هي السبب الأساسي لحدوث الكثير من المشكلاتِ التي تقتل الحب أو تجمده مختنقًا "
تصيب هنا كبد الحقيقة، ولو لم تكتب من هذه المقالة سوى هذه الأسطر لكفيت ووفيت، فالتطبيق العملي للحب اصبح له مفهوم مغاير في عصرنا الحالي، بل ومعاكس أيضاً، وبعد أن تهدأ النفوس يصبح المبرر الأكثر قبولاً:" عذرا لقد كنت غاضب/غاضبة"..!!
"لابدَّ للرجلِ أن ينظرَ لحبيبتهِ من خلالِ عين الآخرين"
شرقية الرجل لا تسمح له بذلك، يكفي أن يراها كما يراها، بكل عيوبها ومحاسنها، وحين تطغى المحاسن تتحول فجأة لملاك يمشي على الأرض، وحين تطغى العيوب تظهر فيها جميع القوميات والأقليات المضطهدة في العالم فتكون فجأة قد انسلت من سلاسلة أقل منه تكويناً وفكراً وعقلاً وحتى أخلاقاً..!!
"ألا يجدر بها أن تكون عشيقتك التي تكف عنك التهتك ؟"
ويجدر به كذلك أن يكون عشيقها الذي يكف عنها التهتك، وأن تنصهر فيه أنثى وحبيبة وعاشقة وأم وزوجة وبنت وأخت وكل شيء..كل شيء..!!
الفاضل مأمون المغازي
وكأني اسقطت عليك كسفاً من السماء، ولكنك كتبت هذه المقالة بحرفية إحساس يعيش أدق التفاصيل، بل ويترجمها لغة جميلة وإحساس أجمل، هي رسالة محبة لكل رجل من قلب رجل، ونادرا أن نجد مثل هذه الرسائل في زمننا البائس..
حقها أن تثبت وتجمع وتعلن وتبلغ للعالم أجمعه...أجمعه..أجمعه..
اعذر هذا الهذيان الصباحي، فأنت تنجح في استفزازي..
تقديري لك سيدي