[gasida= font="traditional arabic,7,darkblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
مُحِيطٌ أَنَا لِلشِّعْرِ قَاعِي مُمَرَّدٌ=وَمَائِيَ مِنْ عِطْرِ الزَنابِقِ أَو أَصْفَى
وَصَيدُ مَجَالِي جَاوَزَ المَدَّ وَالمَدَى=وَبِنْتُ خَيَالِي لا يُحَاطُ بِهَا وَصْفَا
وَمَا كُنْتُ أَرْضَى الحَرْفَ إِلا نَسِيجُهُ=حَرِيرٌ بِأَحْدَاقِ الجَوَاهِرِ قَدْ حُفَّا
أُغَنِّي ؛ وَمَا فِي النَّايِ إِلا حُشَاشَتِي=تَرَانِيمَ قَلْبٍ لا أَكِلُّ بِهِ عَزْفَا
بِشِعْرٍ سَرَى فِي الصَّدْرِ كَالبَدْرِ فِي الدُّجَى=يُلامِسُ فِي الوجْدَانِ بِالنُّورِ مَا اسْتَخْفَى
وَفِكْرٍ جَرَى فِي الدَّهْرِ كَالنَّهْرِ فِي الحِجَا=يَطِيبُ لأَهْلِ الرَّأْيِ مِنْ نَبْعِهِ الغَرْفَا
فَكَيفَ يُنِيبُ العَبْدَ مَنْ كَانَ سَيِّدٌ=وَكَيفَ يَسُومُ النِّصْفَ مَنْ يَمْلكُ الضِّعْفَا
وَلَو كُنْتُ مَخْبُولا لَمَا كُنْتُ جِئْتُهَا=فَكَيفَ وَقَدْ كُنْتُ الحَكِيمَ الذِي يُقْفَى
وَلَكِنْ دَهَانِي بَرْزَخُ الحِفْظِ للِأُلَى=وَإِبْدَاعِ نَظْمِي بِامْتِزَاجٍ وَقَدْ أَغْفَى
أَمَا اخْتَلَطَتْ بِيضُ اللآلِي وَسُودُهَا؟=فَكَيفَ جَرَتْ فِي السِّلْكِ وَانْتَظَمَتْ صَفًّا[/gasida]
لا فُض فوك يا سيد المكان فقد قلت وأبلغت ولا أراك إلاّ كالقائل :
وما أنا ممن سيّر الشعرُ ذِكرَهُ
ولكنَّ أشعاري يسيرُ بها ذِكري
و للشعرِ أتباعٌ كثيرٌ ولم أكن
لهُ تابعاً في حالِ يسرٍ ولا عُسرِ
يقول الدكتور عبد الله الغذامي عن نظرية التكرارية التي يلغي بها (ديرارد ) وجود حدود بين نص وآخر ( تقوم هذه النظرية على مبدأ الإقتباس ومن ثم تداخل النصوص لأن أي نص أو جزء من النص لهو دائم التعرض للنقل إلى سياق آخر في زمنٍ آخر فكل نص أدبي هو خلاصة تأليف لعدد من الكلمات والكلمات هذه سابقة للنص في وجودها كما أنها قابلة للانتقال إلى نص آخر وهي بهذا كله تحمل معها تاريخها القديم و المكتسب .وهذا يمكن أن يحدث بشكل مطلق في أي زمان وأي مكان والمادة المقتطعة تنفصل من سياقها لتقيم مالا يحصر من السياقات الجديدة التي لاتحدها حدود ولذا فإن السياق دائب التحرك وينتج عن هذا أن أي نص هو خلاصة لما لا يحصى من النصوص قبله ويضع (ليتش 87 م) لهذا معادلة نظرية تقول أن التاريخ الكلي لأي اقتباس (أي تاريخ كل كلمة في النص) مضروباً في عدد الكلمات في النص يساوي المجموع الكمي للنصوص المتداخلة مع هذا النص الذي بين يدينا ولأننا لانملك القدرة على تقرير كامل لتاريخ أي كلمة فإن قيمة هذه المعادلة -كما يقول ليتش- تنبع من اقتراحها بأن النصوص المتداخلة لا حصر لها ومعها تأتي الإمكانات الإقتباسية لتشريح النص.
ونظرية التكرارية لا تعتمد على نية المؤلف ولا تصدر عن إرادته ولكنها فعالية وراثية لعملية الكتابة بها تكون الكتابة ومن دونها لا كتابة فكل كلمة في النص هي تكرار واقتباس من سياق تاريخي إلى سياق جديد وتتلاحم التكرارية مع الأثر كقوى خفيّة للنص وما التكرارية إلاّ حتميّة تلقائية تحدث كالجادة ترسمها أقدام المارة في الصحراء تلقائيا.
ولذا فإن السياق يتداخل عبر الاقتباس فتتحرك الإشارات المكررة كاسرة لحواجز النصوص وعابرة من نص إلى آخر حاملةً معها تاريخها وتاريخ سياقاتها المتعاقبة فيتمدد معها الموروث الأدبي وتنشأ من خلال حركتها فكرة النصوص المتداخلة ويصبح السياق مطلقاً لا تحصره حدود ومن خلال قصيدة واحدة نستطيع قراءة مئات القصائد ونجد فيها ما لا يحد من سياقات تحضرها الإشارات المكررة وهذه نظرة جديدة نصحح بها ما كان الأقدمون يسمونه بالسرقات أو وقع الحافر على الحافر بلغة بعضهم وما ذاك إلاّ حركة الإشارة المقتبسة وما جلبته من سياقاته السابقة أي الكلمة وتاريخها أو نظرية التكرارية كما نقلنا هنا .
وكم نجد الأمر طبيعياً إذا نحن تذكرنا أن صانعي النصوص أنفسهم ليسوا سوى نتاج ثقافي لسياقات الموروث الأدبي، وهم يكتبون من فيض هذا المخزون الثقافي في ذاكرتهم كأفراد وفي ذاكرة اللاوعي الجمعي لمجتمعاتهم.) من كتاب الخطيئة والتكفير للدكتور عبد الله محمد الغذامي ص 55، 56