الإحتلال التام أو الموت الزؤام

هل هناك ما يمنع من أن نقول لحركة "كفاية" كفاية , وان نقول "للإخوان" و"الناصريين" و "اليسار" و "الغد" و "بعد الغد" ثم نقول لكل الحركات الوطنية في وطننا العربي إتركوا ما أنتم فيه واسمعوا وعوا وتعالوا إلى فصل الخطاب , حيث ثبت ثبوتاً قطعياً إنه ليس هنا من فائدة...لافائدة من المظاهرات أو الشعارات , فلن تنفعنا مظاهرة تطالب بالتغيير والإصلاح ولن تفيدنا شعارات من أمثال "الإسلام هو الحل" أو "الإصلاح هو الحل" , ولكن تعالوا نبحث سوياً عن حل سهل وبسيط ينهى جميع مشاكل مصر المحروسة ومشاكل وطننا العربي والإسلامي , والحل بإختصار – من وجهة نظر العبد لله – يتمثل فى أن تقوم كافة التوجهات الوطنية – والتى لا علاقة لها بالحزب الوطنى – بتشكيل وفد رفيع "المكام" للذهاب إلى الأمم المتحدة لمقابلة سكرتيرها العام ثم يقدم طلباً على عرض حال تمغه دولية لترشيح دولة أوربية أو أسيوية – ولنبتعد عن أمريكا – كى تتفضل مشكورة بإحتلال "مصرنا العزيزة" ... !!! وقد يبدو هذا الطلب غريباً لدى البعض من قصيرى النظر أو يبدوا مستهجناً عند البعض الآخر من السذج , فلهذا ولهذه ولتلك ولهؤلاء جميعاً ... نقول لهم حلمكم علينا .... ترفقوا بنا ... فأصل الحكاية من أولها أن الحملة الفرنسية عندما هبطت على مصر عام 1798 هبطت بجناحين أحدهما جناحاً إستعمارياً والآخر كان جناحاً علمياً – كما يقولون – إلا أن "المصريين أهمه" قاوموا هذا الإحتلال بضراوة , واستطاع المقاومون الأبطال من أمثال"محمد كريم" و "عمر مكرم" و "الشيخ السادات" و"سليمان الحلبى" دك معاقل الفرنسيين وأعطوهم علقة ساخنة جعلتهم "ماصدقوا" أخذوا ديلهم فى أسنانهم وطاروا إلى باريس – بلاد الجن والملائكة – وكان من ناتج الجناح العلمى لهذه الحملة ... المطبعة ... وفك رموز حجر رشيد وبهما – أى بالحداثة العلمية – إستطاع محمد على الألبانى وهو ليس من جنس "المصريين أهمه" أن يصنع خلطة سحرية بين هذه الحداثة وبين روح المقاومة التى تولدت أثناء الإحتلال , ليبنى بهما بعد ذلك "مصر الحديثة" , فكانت البعثات والمدارس والبيمارستانات والحملات العسكرية والأسطول والترسانة البحرية والقناطر والجسور كما ظهر فى الأفق أبناء مصر الحديثة مثل رفاعى الطهطاوى والنبراوى وغيرهما لينشروا المدنية فى بر مصر وليثبتوا للعالم أن "المصريين أهمه".
ثم جاء الاحتلال الإنجليزى حيث ظن هذا المحتل الساذج أنه سيهنأ بمصر وتهنأ مصر به , فبريطانيا إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس , فضلاً عن أن مصر "متعوودده" على الإحتلال فها هى مستكينة فى حضن أسرة تحكمها من الألبان – من ألبانيا يعنى – وهم أولاد محمد على , والحالة بين الشعب المصرى والأسرة الألبانية التى تحكمه آخر حلاوه , لا ينغصها إلا بعض الميول الغريبة لدى هؤلاء الحكام بإستقدام بعض الأجانب لمساعدتهم فى حكم مصر والإشراف على المشاريع التى يتم بناءها مثل مشروع قناة السويس – والتى بناها جدى عيسى وعويس – إلا أن الغازى يفاجئ بحركة مقاومة مصرية غريبة إذ تنبعث فى مصر روح الوطنية – وهى غير الحزب الوطنى – تبث مشاعر الكراهية ضد الإحتلال , ويصبح شعار مصر هو "الإستقلال التام أو الموت الزؤام" , وإذا بروح المقاومة تستنهض همم "المصريين أهمه" ويتشكل من ناتج هذا الإستنهاض وهذه المقاومة أفذاذ مثل (عبدالله النديم والشيخ محمد عبده والبارودى وأحمد شوقى وحافظ إبراهيم ومصطفى كامل ومحمد فريد , وقاسم أمين وطلعت حرب ومصطفى مشرفة وعلى باشا إبراهيم والحامولى وسيد درويش وأم كلثوم وعبد الوهاب وجورج أبيض ويوسف وهبى ونجيب الريحانى وفاطمة رشدى وعلى الكسار ومختار التتش وسيد نصير وعلى إبراهيم وعبد العزيز باشا فهمى والسنهورى ومرقص فهمى ومكرم عبيد – إصبروا فالقائمة طويلة– والنحاس وحسن البنا والعقاد وتوفيق الحكيم والمنفلوطى ولطفى السيد ومحمود حسن إسماعيل وعلى محمود طه وأحمد زكى أبو شادى – مازالت القائمة طويلة - والشيخ محمد رفعت والشيخ على محمود والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمود البنا والشيخ عبد العظيم زاهر والشيخ طه الفشنى , وشعراء ونبغاء ومظاهرات ومقاومة وثورة 1919 ودستور ووزراء ورؤساء وزراء محترمين وساسة قمم فى السياسة والكياسة , وبرلمانات منتخبة إنتخاباً حقيقياً وأحزاب تتشكل بدون موافقة من لجنة الأحزاب , وصحف حرة وكتاب شجعان , وشرطة وطنية يقف معظمها مع المصريين فلا يعذبونهم ولا يعتدون عليهم ولا يعرونهم من ملابسهم فى المظاهرات ولا ينتهكون أعراضهم ... وغير ذلك كثييييييير وكثير).
"عذرا فقد طالت معي هذه الفقرة لأن روح المقاومة كانت جامدة حبتين"... وبسبب هذه المقاومة وغيرها تحررت مصر أخيراً وأصبحت "حرة مستقلة" وجاء حكامنا المصريون كى يحكموننا , وعلى مدى نصف قرن من الزمان ظللنا نرزح تحت وطأة ونير "الإحتلال المصرى" لوطننا الغالى , وفى ظل هذا "الإحتلال المصرى" "للمصريين أهمه" تم نهب اموالنا وتعذيب أبداننا وتشويه مشاعرنا ومسخ عقولنا وإماتة إنتماءنا , وأتخمت البنوك الأوربية بحسابات سرية بالمليارات لحكامنا "الأشراف" - ولا تسيئ الظن فى أحد من حكامنا أصحاب الحسابات المليارية فيبدو أنهم حولوا أموال مصر إلى الخارج لحمايتها من هذا الشعب المسرف غيرالناضج سياسياً حتى لايقوم ببعزقها على الفشخرة وقلة القيمة – واختفت الريادة المصرية فى كل المجالات فلا رياضة ولا أدب أو - قلة أدب – ولا فنون ولا يحزنون , وبدأت مساحة الإبداع تتناقص فى كل المجالات حتى أصبح رئيس جمهورية الإبداع هو الأسطى المكوجى شعبان عبد الرحيم "شعبولا" ويشاطره على القمة الوزير التلميذ "أنس اللذيذ" , ثم دخلنا فى عصر الهزائم والنكسات والوكسات على مختلف الجبهات إلى أن وصلنا فى الخمسة وعشرين عاماً الأخيرة إلى الدرك الأسفل من البلاهة والاستكانة والإضمحلال , والغريب أن "المصريين أهمه" أصبح شعارهم بعد هذه الخيبة القوية هو ذلك النشيد الوطنى "وعشان كده إحنا اخترناك" وأصبح كل من يقاوم هذه الخيبة هو خائن أو إرهابى أو بيقبض من أمريكا – واللذين اختشوا ماتوا - ولذلك فإنه حتماً ولابد من أن يتشكل الوفد المصرى الجديد من قادة الأحزاب والجماعات ليقدموا طلب الإحتلال , ولكنى أقترح أن نطلب إستبعاد أمريكا من احتلالنا لأن مواقفها فى سجون جوانتنامو وأبو غريبليست كما ينبغي كما أن سوابقها فى خلع ملابس الحكام ومعرفة ماركات ملابسهم الداخلية مقلقة , ونقصر طلب الإحتلال على إحدى الدول الآتية: إما فرنسا لكى تكمل مشروعها الإحتلالى الثقافى لمصر ونلتمس منها أن تصفح عنا لأننا قاومناها زمان وده من قصر النظر وقتها وقلة الحيلة والخيبة القوية.
أو الإمبراطورية البريطانية التى لا تغيب عنها الشمس وخاصة وأن رمز حضارتنا الفرعونية هو إله الشمس "آتون" ونقول لها "تعالى يا بريطانيا حيث الشمس.
أو ألمانيا التى كان من المقدر لها أن تحكم العالم لولا إنكسارها أمام جبال الجليد فى روسيا , واندحارها عندنا أمام هجير الصحراء بالعلمين , وهى مناسبة لكى نعتذر لها عن عدم مناصرتنا لها كما ينبغى أيام الحرب العالمية الثانية – على الأقل كنا خلصنا من إسرائيل - .
أو اليابان والصين كلاهما معاً كى تبنى اليابان على أراضينا مصانع للسيارات والتلفزيونات وكل الأجهزة المتطورة , ولكى نتعلم من الصينين إنشاء مصانع تحت بير السلالم كى نقلد المنتجات اليابانية – نصاحة بقى – خاصة وأننا نستطيع إقناع اليابانيين بأن الأيدى العاملة فى بلادنا رخيصة جداً كما نستطيع إقناع الصينين بان بلادنا ليس فيها أكثر من السلالم – وده غير السلم الموسيقى والسلم الوظيفى وسلم درية هانم – بدليل إن أى ضابط صغير يستطيع القفز على السلالم المصرية لكى يصل بأسرع وقت إلى كرسى الحكم ثم يظل جاثماً – على الكرسى وعلى أنفاسنا – إلى أن يأتى ضابط صغير آخر لكى يقفز على ذات السلم فيأخذ هو الآخر دوره فى الجثم على أنفاسنا إلى ما لا نهاية ,
ألستم معى إذا أن فى بلادنا "الاحتلال هو الحل" , إهتف معى,,

...الاحتلال التام أو الموت الزؤام....

ثروت الخرباوي