(مقدمه)
الزمان : شتاء عام 1997 المكان : طريق مصر الفيوم الصحراوى فى قلب الصحراء
الابطال : اشخاص مجهولى الهويه الحدث : تأديه فترة التجنيد
فى ليلة السابع من يناير عام 97 كنت استعد للسفر لتأدية فترة تجنيدى ولم يكن معى فى تلك الرحله من دفعتى ومعارفى اى شخص وذلك لاننى تخلفت فى الدراسه فسبقونى وتكاسلت فى التقدم للتجنيد فأخذت دفعتى بالكامل تأجيلات ثم عفو عدا (المتخلفين) وكنت الوحيد للاسف ...وهناك على رمال( دهشور) ...ومن بعدها رمال جبال (حوف)حدثت تلك المأساه ....ليلتها احسست باحساس مقبض ..كانت تغنى فى الشوارع اغنيه تقول unbreak my heart كانت تشعرنى اننى مقدم على مأساه وكنت اسمعها اينما ذهبت ..فى الشوارع والمقاهى والاسواق فقد كنت اودع الاصحاب متوجساً مما انا مقد م عليه ....وكان توجسى فى محله..
استيقظت من النوم قبل الفجر واخذت ارتب فى اشيائى فى انقباض وتوجس امتزجا بتوتر خانق ..وودعت اخوتى فى عجله (حيث كانت امى تؤدى العمره مع اخى وابى فى سفر داخل البلاد) واصطحبت صديق لى وذهبت معه الى محطة القطار الخاصه بالمجندين ....لاادرى ما الذى كان يدر حولى ..ولم اسمع كلمه رغم الضجيج الذى يصم الآذان حتى همهمة الصديق المشفق على (لمعرفته بى ) محاولا التخفيف عنى لم اكن اسمعها ..لقد كنت كمن يساق الى منصة الاعدام بلا وعى...وانطلق القطار ....كئيباً...وحيداً ..شريد الذهن كنت خلال الرحله ...مقبل على المجهول ..كل ما كان يدور فى نفسى وقتها "لااله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين" ظلت ارددها خلال الرحله وقد ذكرتنى محنتى بمحنة سيدنا يونس وحيداً فى بطن الحوت..كان القطار يمشى وسط الزراعات طوال الفتره ..مناطق من الجمال الطبيعى لم ارها من قبل ..وظل الحال هكذا ....وفجأة ودون سابق انذار او مقدمات دخل القطار الى قلب الصحراء فى مشهد درامى لاتسبقه اى نذر..وكاد يغشى على ...تماسكت وظللت انظر فيما حولى كمن يشاهد كابوساً لايدرى متى ينتهى ...كنا بالملابس (الملكيه) هكذا يسمونها فى الجيش ..قطيع من الشباب فى منتصف العشرينات دخلنا الى المعسكر بعد وقوف فى طوابير لاادرى سببها (لقد كان كل شخص يمر بنا يأمرنا ان نقف طابور و(نحاذى) ثم نسأل عن هذا الشخص ولا من مجيب حتى انتصف النهار وكل شغلنا هو الطوابير (والمحاذاه )...بعدها انتقلنا الى قيادة شخص عكر الوجه والمزاج يسمونه (صف ضابظ) اى انه من رتبة (رقيب) حتى( صول) مروراً برتب لاادرى كنهها ..كل الذى ادريه اننا كنا فى رتبة اقل من كل الرتب الموجوده لان الجيش يعامل الناس حسب الاقدميه ونحن لازلنا حديثى عهد به وكانت رتبتنا كرتبة (الكائنات وحيدة الخليه كالهيدرا مثلاً) فى مواجهة رتب اعلى (كالجوف معويات) او ما شابهها..قادنا هذا العكر الى مكان فسيح وسلمونا (المخله) وهى عباره عن شوال كبير يتسع للملابس الكامله الخاصه بكل مجند وظل الكائن العكر يردد على اسماعنا محتويات المخله وهى ...عدد 2 طقم ملابس داخليه (واطلق عليها العكر اسم لباس وفالنّه ) لاادرى لماذا و2 شراب ميرى و2 منديل و (فالنّة ضرب النار ) وبياده (شىء ما مثل الboot ولكنه يختلف من حيث التكوين) وحذاء وزى الفسحه وستره و(منطلون) هكذا اطلق على البنطال و قايش (هكذا اطلق على الحزام ) ...ثم اخذ يردد اقلعوا ملابسكم الملكيه والبسوا الميرى ... الى معاه حاجه زياده يجيبها (..الزياده فى الجيش معنتها حرامى ...والنقص هاتتحاسب عليه) ثم اخذ يردد العباره الاخيره بلهجه المزارعين حاول تشويهها بقدر استطاعته ..حتى اصبحنا جميعاً نمقته ...ونظرنا حولنا فاذا بنا قد تحولنا الى (عساكر) فى لحظه ..وسمعت كلمات مثل (البنطلون مش مقاسى... ايه الهباب اللى احنا لابسينه ده.. جايبين لنا هلاهيل نلبسها) ثم ما لبست الاصوات ان خفتت وجاء صوت العكر ان مفيش اجازة (تقييف) التقيييف هو تعديل الملابس حتى تناسب صاحبها وفى الماضى السعيد كانت هناك اجازه يومين لهذا الغرض ..بعدها اصبحت مناظرنا فى الزى قادره على اضحاك مرضى الاكتئاب المزمن حتى الموت ..وحانت لحظه الغروب بعد يوم اشق من الشاق (وكنا فى رمضان وقتها ) واصطحبنا العكر للافطار ..ولكن استوقفنا رئيس الامن وعرفنا بنفسه وقال لنا بعض الارشادات الامنيه واخبرنا عن ( يوم فى حياة مجند) حيت يصحو المجند السعيد من النوم مبكراً على صوت تغريد البلابل ويذهب لتناول الافطار فى (الميس) مكان الاكل ثم يذهب لطابور اللياقه فى سعاده ثم (يرتاح قليلا) ويستعد للطابور الصباحى التدريبى ثم (يرتاح قليلاً) ثم يذهب لطابور الظهيره ..ثم يذهب للافطار معززاً مكرماً ..ثم طابور مسائى فقط للتمام (التأكد من ان احداً لم يلق حتفه بعد) ..ثم يذهب لينام قرير العين جزلان...استبشرنا خيراً بكلام الرجل وظللنا نمنى النفس بمتع الاقامه فى هذا المكان (الفرنسى الايحاء مثل صابونة Camay ) وذهبنا لتناول الافطار فى (الميس ) وهنا بدأت القصه الحقيقيه..فكل ما سبق كان خيالاً رومانسيا كحلم جميل نسجه خيال عذراء لم تدنسها يد الخطيئه بعد ....
ياما بنادى عليك يا حلو وبنانى""
ان كنت زغلول بنيت لك برج وبنانى""
والهجر هد الحيل يا حلو وبنانى"
هل تسمعوا هذا الصوت العذب هل تعلموا معانى تلك الكلمات الجزله ...الحلقه القادمه نبداْ معاً القصه