بالأمسِ هنَّأتُها و اليومَ أرثِيهَا

" في رثاء أختنا الكريمة جوري الهاشمية رحمها الله "

د. جمال مرسي

بالأمسِ هنَّأتُها و اليومَ أرثِيهَا
و العينُ بالدَّمِ لا بالدمعِ تبكيها
بالأمسِ كانت هُنا ، فينا ، مُغَرِّدةً
عُصفورةً تسكبُ الأنغامَ مِن فِيها
على أديمِ الثرى تزهو بخُطْوَتِها
ثيابُها الطُّهرُ فوق الأرضِ ترخيها
تَمُدُّ أجنحةً في الأفْقِ تَلمسُهُ
و اليومَ أعجبُ كيف التُربُ يُخفيها
يا أرضُ كيف تُوارينَ الثرى نَهَراً
يجري بصحرائِكِ الجدباءِ يرويها
أما شبِعتِ من الأمواتِ فاقتنصَت
كفَّاكِ مَن كالضُّحى حُسناً و تنزيها
أستغفر اللهَ ، ما خـوضٌ بذلـك فـي
قضاءِ ربِّـكِ فيمـا قـد قضـى فيهـا
لكنهُ الحزنُ كالإعصارِ يعصفُ بي
لو تخمدُ النارُ في الأحشاءِ يُذكيها
لا ، لن أُصَدِّقَ أن "الهاشميةَ" قد
مَضَت و خَلَّت زهورَ الروضِ تبكيها
بالأمس كانت هنا تروي خواطرَها
من فيض أنهارها سحراً و تبنيها
و "يَستَمِرُّ نَزِيفُ " الحرفِ تُسكِنُهُ
" أرضَ انتحارٍ" لنا كانت تُغَنِّيها
كانت تُصَلِّي و تدعو رَبَّها طمعاً
في جنَّةِ الخُلدِ علَّ اللهَ يعطيها
تُسَبِّحُ اسمَ الذي أسماؤهُ عَظُمَت
و تَستَظِلُّ بها دوماً فتحصيها
"جُوريَّةُ"الروضِ كان الروضُ لو عَصَفَت
ريحُ الجفافِ به يُسقى بأيديها
ما كنتُ أحسبُ أنَّ الموتَ زائرُها
أو جالَ في خاطري أني سأرثيها
لكنَّ أقدارَنا من سالِفٍ سُطِرَت
في اللوحِ ، ليس لعبدٍ حيلةٌ فيها