بسم الله الرحمن الرحيم
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }الأحزاب23
لقد فجع العالم الإسلامي بوفاة الداعية الإسلامي الكبير الشيخ محمود غريب المصري ذلك العالم المربي والموجه والمرشد الذي أحدث صحوة في العراق حينما قدم من مصر إمامًا وخطيبًا في جامع البنية في بغداد وذلك عام 1394 هـ الموافق 1974م ولقد حضرت أول محاضرة له ألقاها في الجامع الكبير في الفلوجة وذلك أول قدومه أي في السنة نفسها وكانت في الرد على الملاحدة.
لقد بقي الشيخ محمود سبع سنين كانت سني الخير والبركة على أهل العراق اهتدى بتوجيهاته خلق لا يحصيهم إلا الله من شباب كانوا قد تنكبوا الصراط فعادوا هداة ودعاة فأحس بطره أصحاب الضلال من مختلف الاتجاهات حكامًا ومحكومين وأجمعوا أمرهم على المكر به وكان أن أنجاه الله من مكرهم ولكن بخروجه من العراق فارًّا بدينه وذلك سنة 1401 هـ الموافق 1981 م وكانت محطته الأخيرة في عمان .
إنَّ الأثر العظيم الذي تركه الشيخ محمود غريب لا ينكره إلا لئيم جاحد ناكر للجميل فلقد كان الشيخ رجمه الله تعالى من أمثلة الدعاة الصابرين المحتسبين المتحملين الشدائد من أجل دينهم فلقد أعطى وما بخل وضحى ولم يأل جهدًا ، ولا أبالغ إذا قلت ليس من العلماء من له فضل على أهل العراق يعدل فضل الشيخ محمود غريب، وما رزئنا بفقد عالم كما رزئنا بفقده .
رحم الله هذا العالم المجاهد وحشره في الوفد الميمون مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيًّا وجبر الله مصابنا به وإنا لله وإنا إليه راجعون .
وهذه أبيات متواضعة قلتها في هذا الحدث الجلل .

إلى مولاه قد حن الغريبُ
في رثاء الداعية الكبير الشيخ محمود غريب رحمه الله تعالى

علام الحزن فينا والكروبُ
ويعلو من أحبتنا النحيبُ
وكيف وقد مضى شيخ المعالي
ومَن لجروح أمَّتنا طبيبٌ
أخو الإيمان في الدنيا غريبٌ
يقول المصطفى الهادي الحبيبُ
تغرَّب في الحياة وبعد حينٍ
إلى مولاه قد حنَّ الغريبُ
هو المحمود في دين وخلقٍ
شبابٌ طاب منه والمشيبُ
دعا لله في عزمٍ وصدق
وما أثنتهُ عن سيرٍ خطوبٌ
لشمِّ الراسيات حكى ثباتًا
وصولاتِ الأسود له وثوبٌ
أيا ابن الأزهر السامي حويتمْ
معارف قد تعدَّدت الضروبُ
لكلِّ المشكلات لكم حلولٌ
وعن شتّى مسائلنا تجيبُ
تلاقى دجلة والنيل فيكمْ
وأثمرتمْ فمربعكمْ خصيبٌ
طلعتَ على سما بغداد شمسًا
على عجلٍ بدا منها الغروبُ
أيا نيفًا وسبعينًا تقضَّتْ
بطاعة ربِّكمْ عمُر يطيبُ
ففي البنِّية الذكرى تركتمْ
فليس خيالكم عنها يغيبُ
معالم خالدات ليس تمحى
لكم حُمدت إلى العَليا دروبٌ
إذا ما ضمَّكمْ لحد وقبرٌ
فإنَّ مقامكم منّا القلوبُ
ليلة الأربعاء 24 ربيع الآخر 1434 هـ