هل الفعل لم يضرب فعلٌ ماضٍ أم فعل مضارع من جهة الصيغة؟
لو قلت لك عزيزي القارئ ماهو تعريف الفاعل؟ فإنك ستقول هو الذي فعل الفعل فأقول لك ماذا تعرب زيدا في حملة: لم ينجح زيدٌ ؟ ستقول أعربه فاعلا فأقول لك كيف أعربته فاعلا وهو لم يفعل ؟
كلامي هذا مغالطة لأن النفي فرع عن الإيجاب لأننا في النفي نحتاج الى أداة نفي بينما في الإيجاب لانحتاج الى اداة نقول لم ينجح زيد احتجنا الى الحرف(لم)لكي ننفي الفعل ونقول نجح زيد لم نحتج الى أداة .
وكذلك الفعل المضارع بما أننا نحتاج الى حرف جزم لنجزمه وحرف نصب لننصبه ولانحتاج الى حرف لنرفعه فإن المضارع المرفوع هو الاصل والمضارع المجزوم والمنصوب هما فرع .
الفعل ضرب فعل ماض بدون حرف يجعله ماضيا إنما هو ماض بصيغته أما الفعل لم يضرب فقد احتاج الى حرف ليقلب زمنه الى الماضي فكيف يكون ماضيا وصيغته ليست صيغة الفعل الماضي وكيف يكون ماضيا وهو فرع عن الفعل المضارع المرفوع .
والحروف نوعان حروف مباني تبني الكلمة مثل النون والجيم والحاء في كلمة نجح وحروف معاني مثل حروف الجر والجزم والنصب والعطف وهي حروف تدخل لمعنى مثل ان تقول الكتاب في الدرج والكتاب على الطاولة فدخل الحرف في لمعنى الظرفية والحرف على لمعنى الاستعلاء وهكذا .
وهذه المعاني الأصل ان تؤدى بالحروف لأنها معاني زائدة عن معنى الكلمة ولذلك الأمر الأصل فيه أن يكون بلام الأمر تقول لِتضربْ ولِتضربا ولتضربوا أي أن معنى الأمر زائد عن معنى الضرب فدخلت لام الأمر لتؤدي هذا المعنى الزائد ولذلك قال الكوفيون أن فعل الأمر أصله الفعل المضارع المجزوم بلام الامر وحذفت لام الأمر وبقي الفعل مجزوما أي أن فعل الأمر اِضربْ اصله لِتضربْ ورد هذا القول البصريون وقالوا عامل الجزم عامل ضعيف والعامل الضعيف لايجوز حذفه وقالوا أن فعل الأمر صيغة مرتجلة فقال الكوفيون وماذا تقولون في فعل التعجب أَفعِلْ به مثل أنعم به ألستم تقولون معناه الماضي والصيغة هي صيغة فعل الأمر فقال البصريون لم يراع هذا الأصل هنا .
تقول: أنعِمْ بزيدٍ وتعرب زيدا فاعلا مجرورا لفظا مرفوعا محلا فيكون الأسلوب أسلوب تعجب وتقول:أنعِمْ بزيدٍ على عمروٍ وتعرب زيداً اسما مجرورا ثم تعلق الجار والمجرور بالفعل فيكون الاسلوب أسلوب أمر بفعل الأمر .
مارأيك ؟
إن إعراب فعل التعجب عجيب ونادرهكذا:
أنعم به:أنعم فعل ماض جاء على صيغة الأمر .
المهم أن ابو حيان النحوي المشهور نسب الى سيبويه القول بأن(لم)تغير صيغة الفعل الماضي الى لفظ المضارع أي أن لم يضرب فعل ماض بصيغة المضارع مثل أنهم قالوا أن فعل التعجب أفعل به فعل ماض بصيغة الأمر ونسبوا الى المبرد أنها إنما غيرت معنى الفعل المضارع من الحال والمستقبل الى المضي.
ولهذا نظائر مثل الفعل الماضي بعد الشرط تقول من ذاكر نجح ففعل الشرط ماض وزمنه المستقبل ولم يقل أي نحوي أن فعل الشرط تغيرت صيغته من المضارع الى لفظ الماضي لأنه يحوز ان يكون فعل الشرط مضارعا تقول من ذاكر نجح ومن يذاكر ينجح لكن الفعل بعد(لم)لا يكون ماضيا بل مضارعا ولذلك قال بعض النحاة أنه ماض بصيغة المضارع.
والله أعلم