مصطفى لطفي المنفلوطي
حين كان الزمن أجمل كانت حجرة القلب موصد بابها دون الهموم , مشرعة نوافذها على بواعث الحلم والأمل ..حينها كانت النبضات فراشات توردت على شمس الحياة أجنحتها , فراشات تنتقل بين دفء ربيع الأخيلة وزهور ينساب في دروب الواقع ومنافسات العطر أرجها .
في شرفات الشوق للمعرفة اصطفت أصص الكتب المخضرّ بالمعاني والمغاني أوراقها , بين عطرها والظلال حروف تُشرب لا تُقرأ , ومعاني يُلمس صوتها لا يُسمع
مصطفى لطفي المنفلوطي .. كان زهرة لا تعرف الذبول , وكان النبض فراش يمتح من رحيق المعاني وصدق الكلمات بين أوراقها , أسلوبه المورق بالبلاغة وحرفه الندي بالأحاسيس ينبعان من موهبة لغوية تدعمها قدرة فنية مكنته من الوصول إلى نقطة التوافق بين الحدث ودلالات الكلمة التي تصوّره وأبعادها مما خلق تناغماً فريداً بين المتلقي والسطور الماثلة أمامه
تفرغ من قراءة العبرات أو النظرات أو غيرها من كتبه لتجد نفسك أمام شخصيته وسؤال يلوح من على سطح الميناء :
هل كان حرفه فيما ترجم من قصص وحوادث وسيلة نقل أمينة وقدرة فائقة على ترجمة الحرف بكل الطبائع والمشاعر التي رسمها الحرف في بيئة غريبة إلى سطور عربية تنغل في نوازعنا الوجدانية ؟
أم كان صائغاً ماهراً يحيل قوالب الذهب إلى قلائد يومض بريقها بما سكب عليه من عصارة روحه وقلبه ؟
مصطفى لطفي المنفلوطي .. لم يكتب لأجل الكتابة فقط , شعوره بالمسئولية تجاه غرس القيم النبيلة ونقاء المشاعر هو ما يدفعه , كان يكتب حتى الوصول إلى أسوار الشرف الخجل , يقف ولا يتجاوزها
الآن أسأل نفسي :
هل أقرأ للمنفلوطي هذه اللحظة بذات الشغف والمتعة السابقة ؟
تدمع الاجابة وينساب على الخدود رسمها : لم تعد أرواحنا بذاك البياض الذي دالت دولته .
يوسف الحربي