نِخَاسَةٌ
... ثم كانوا فيه من الزاهدين، إذ جادوا به عليهم عن طيب خاطر فرحين، وأبوا إلا أن يقذفوا به إليهم مكبل اليدين، معصوب العينين، وسولت لهم نفسهم أن يتركوه فريسة بينهم عاري الجسد، حافي القدمين، ومنتهى رغبتهم أن يتلذذوا بآلامه ساخرين، وغاية نزوتهم أن يكونوا في مقدمة الشامتين ...
من ذراعه أمسكه أحدهم شديدا، وقبض الثاني عنيفا على رقبته، وفي ذات الحين تبادل الثالث مع أشقائه نظرات تنضح بالخبث الدفين، وإشارات تفصح عن المكر السجين ...
ساقوه أمامهم منهكا متعثرا، وأعملوا فيه الضرب المميت بأيديهم وأرجلهم، ثم أطلقوا فيه ألسنتهم الحداد باللفظ الفاحش، وآذوا سمعه بأصواتهم المنكرة ...
ما كادت ذكرى صنيعهم بشقيقهم الأول يطويها حقدهم وقد أبت طيها الأيام، حتى جاءوهم بشقيق ثاني لهم يسوقونه معنفا على ذات الحال ...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي