أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 24

الموضوع: الحمار الخواف

  1. #1
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي الحمار الخواف

    الحمار الخواف


    كنت طفلا صغيرا عندما كان والدي يغرس البصل مع شاب يساعده. كنت ألعب في الهامش أجمع الطوب و الحصى ، أبني بيتا، أرسم ساقية ، لي حمار صغير صنعته من طين لازب؛ربطت له من الخلف قطعة قصب جارحة بمثابة محراث ...
    كان والدي منهمكا في عمله .غرس البصل عمل يتعب الظهر و الركبتين، يفضل الفلاح لحظتها أن يظل جالسا القرفصاء على أن يقوم مستويا؛ نظرا لما يحسه من ألم وهو يحاول الوقوف مستقيما بعد طول جلوس..
    كان الوقت قبيل المغرب عندما التفت والدي أخيرا إلى وجودي ... سمعت نداءه فهمت أن الوقت وقت الاستعداد للعودة إلى البيت، وواجبي جمع اللوازم ووضعها على ظهر الحمار ربحا للوقت..
    لم يكن الأمر كما اعتدت وتوقعت .. رمى لي والدي بالمنجل طالبا مني أن أمتطي الحمار مسرعا إلى حقل آخر جنب الوادي، حيث المطلوب مني أن أحش الخلى للأغنام، لأنه مضطر إلى التوجه إلى حقل آخر ليعالجه بمبيدات الحشرات قبل أن يلحق بي لنعود معا إلى البيت
    ..
    لم أصدق الأمر لكن لا مجال لرفض أوامر الوالد. أخذت المنجل، امتطيت الحمار، و انطقت صوب الحقل المعلوم.
    كان لنا حمار أشهب خواف جدا، يكفي أن يكون الحمار أشهب ليشعرك بعدم الارتياح.الحمار الأشهب عندنا في البلد رمز للحيل و الكسل..وزاد حمارنا على زملائه بالخوف كل الخوف. كان يمد أذنيه الطويلتين إلى الأمام ثم يقفز هلعا، أو يتراجع للوراء كما السيارة، أو ربما تسمر في مكانه. ويكاد يموت كلما رأى كيسا بلاستيكيا أسود تحركه نسيمات ريح.
    سرت أطوي المسافات، و عند اقترابي من الحقل تناهى إلى سمعي أذان المغرب و نبضات قلبي تزداد سرعة من شدة الخوف، ربما أكثر من خوف حمارنا.
    ربطت عنان الحمار على جريدة نخلة، أخذت المنجل مسرعا لأحش ما تيسر قبل أن يدركني الوالد و قبله الظلام.. بدأت أحش وأنا أسمع نباح الكلاب من كل جانب و كأنهم اتفقوا على أن يتحلقوا حولي حتى لا يفر منهم هذا الجسد الغض الطري .و كم زاد خوفي و هلعي و أنا ألمح " عم أحمد " على ظهر حماره ، لأنني علمت غير علم شك أنني الأخير هنا مادام "عم أحمد" المعروف بأنه آخر من يترك الحقول قد غادر .. حرصا على حماية شجيراته من عبث الأطفال المتخصصين في جني الفواكه قبل نضجها .
    اجتهدت لأسرع على قدر ما يحتمل جسدي الصغير. جمعت ما ظننته يكفي لسد رمق الماشية لليلة على الأكثر.كان الظلام قد غطى الأرض تماما، و الوالد لم يظهر له أثر بعد.استولى علي الخوف.شعرت برغبة في البكاء، لكن خفت.. إن سمعني والدي سيضربني لأنه لا يريدني أن أكون خوافا ، و إن سمع القصة صبيان القرية سينعتونني بالخواف ما دمت حيا أو ربما إلى أن يرث الله الأرض و من عليها.
    بحثت عن أخف الأضرار، وهو مغادرة الحقول و العودة إلى القرية، ووالدي سيجدني أكيد في البيت إن لم يتوزع دمي بين قبائل الكلاب..
    كذلك فعلت، أخذت ما حششت لأضعه على ظهر الحمار..
    رآني الحمار الخواف و أنا في الظلام، حسبني شبحا، أو لعلها من حيل الحمار الأشهب.قفز قفزا فاقتلع جريدة النخلة من جذرها بكل ما أوتي من قوة و فر هاربا... تضاعف خوفي لأني صرت أوحد بعدما غادر الحمار. رميت ما في يدي وجريت خلفه و أطلقت العنان للبكاء فالمصيبة أنجبت مصائب. كنت أشعر أن شيئا ثالثا يجري خلفي لكن الأفضل ألا ألتفت ورائي لأني إن رأيته لن أستطيع الركض ..
    كان الحمار يجري بسرعة و يوسِّع فارق المسافة بيني و بينه، و تزداد شهقاتي و سرعتي في نفس الآن، إلى أن اقتربت من مدخل القرية حيث بدأت أسمع أصوات الناس و حركتهم و أرى أضواء المنازل. توقفت لأستجمع قواي و أستعيد رباطة جأشي .مسحت دموعي و تحركت ببطء كرجل صغير لا يهاب الظلام .
    وجدت الحمار الخواف في مكانه و أنا أطرح السؤال على نفسي كيف يذكر الحمار الطريق و يعرف زاويته في الحظيرة؟؟؟
    ارتميت في حضن أمي و حكيت لها ما جرى ، مسحت دموعي و أسندتني على ركبتها و هي تربت على كتفي . وصل والدي، حكت له الحكاية و أنا أسمع و أستبق حظ خدي من صفعاته التي سيظل صداها يسمع في أذني لأيام. أسمعني والدي كل عبارات الوعيد وانطق على متن الحمار الأشهب الخواف عائدا إلى الحقل ليحمل ما حششت من الخلى للأغنام.أما أنا فقد غرقت في النوم قصد تأجيل موعد العقاب حتى الصباح على الأقل، أو ربما ينسى والدي أو يحن قلبه على هذا الهيكل الرقيق.
    في الصباح استيقظت.. ليس في حجر أمي بل في فراشي دون أن أتذكر متى غيرت أمي مكان نومي ، و لا ما وقع مع أبي بعد عودته.
    لم أفهم شيئا انتابني إحساس بين الشك و اليقين، و بدأت أبحث عن مكان ضربات والدي مستفسرا والدتي، نظرت إلي و هي تبتسم و نادتني إلى جنبها و أمدتني بحساء صباحي دافئ، وبدأت تسرد ما وقع...
    لما عاد أبي إلى الحقل أوقف الحمار و جمع الخلى في الغرارة، ولما حملها لوضعها على ظهر الحمار حدثت نفس القصة وفر الحمار الخواف ، وما كان عليه إلا أن يحملها على ظهره ويعود راجلا كما عدت ...فكان العقاب من نصيب الحمار، بل إن والدي قرر بيعه في سوق بعيد كي لا يرى أثره مجددا...


    ابراهيم السكوري
    09/12/ 2008
    دع الأقــدار تـفـعـــل مــا تــشــاء
    وطــب نفســا إذا حكــم القضــاء

  2. #2
    الصورة الرمزية الطنطاوي الحسيني شاعر
    في رحمة الله

    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    المشاركات : 10,902
    المواضيع : 538
    الردود : 10902
    المعدل اليومي : 1.77

    افتراضي


    هههههههههه
    ههههههههههه
    هههههههههههه
    لا املك غير هذا
    دمت بكل ابداع اخي ال.......
    ولا بلاش
    اخي ابراهيم السكوري
    قصة ظريفة وطريفة في نفس الوقت
    ولو كنا نأخذ منها العبر لاهتممت بالرمز
    دمت بابداعك

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    الدولة : سيرتـا
    العمر : 46
    المشاركات : 3,845
    المواضيع : 82
    الردود : 3845
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    القاص المبدع / ابراهيم الســكوري

    قصة ممتعة و محبوكة بإتقان و تروي تفاصيل ذكريات طفولية جميلة و محيط مجتمع الريف و كذا أسلوب الحياة و طريقة التفكير الخاصة جدا في مجتمعاتنا الريفية .
    استمتعتُ حقيقة و أنا أتابع أحداثها بشغف فقد كان لعنصر التشويق مفعوله بلا شك .

    دمت بجمال ...

    اكليل من الزهر يغلف قلبك
    هشـــام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    العمر : 66
    المشاركات : 77
    المواضيع : 14
    الردود : 77
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    أخي الفاضل
    سردية رائعة تعيد ذكريات الطفولة إلى أذهاننا ومعظمنا أطفال الأرياف مرَ بمثل هذه التجربة
    وكل الإحترام للأسلوب القصصي الذي يخلد الذكريات 000ولكن أخي إبراهيم الحمار لا يلام
    على خوفه00! لأن الأب (في القصة) يبعث الرعب والرهبة في النفس ؟
    شكرا

  5. #5
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطنطاوي الحسيني مشاهدة المشاركة

    هههههههههه
    ههههههههههه
    هههههههههههه
    لا املك غير هذا
    دمت بكل ابداع اخي ال.......
    ولا بلاش
    اخي ابراهيم السكوري
    قصة ظريفة وطريفة في نفس الوقت
    ولو كنا نأخذ منها العبر لاهتممت بالرمز
    دمت بابداعك

    أخي الطنطاوي حياك المولى

    ههههههههههههه

    شكرا على المرور الجميل و الكلام الطيب
    سعدت كثير بما أبديته من ملاحظة، ورؤية عميقة في قراءتك للنص الأدبي

    أمثالكم من يجعل المخيلة تبدع، و اللغة تخضع.

    دمت لنا في أفياء الواحة الجميلة.
    تحياتي

  6. #6
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام عزاس مشاهدة المشاركة
    القاص المبدع / ابراهيم الســكوري

    قصة ممتعة و محبوكة بإتقان و تروي تفاصيل ذكريات طفولية جميلة و محيط مجتمع الريف و كذا أسلوب الحياة و طريقة التفكير الخاصة جدا في مجتمعاتنا الريفية .
    استمتعتُ حقيقة و أنا أتابع أحداثها بشغف فقد كان لعنصر التشويق مفعوله بلا شك .

    دمت بجمال ...

    اكليل من الزهر يغلف قلبك
    هشـــام
    اخي هشام سلام الله عليك
    أتابع ردودك دوما وفي كل رد نص جميل تصوغه أنامل ذهبية يمتلكها قلب مليئ بالحب و الصدق.
    أنا سعيد جدا بأن تكون ممن قرأ لي ، أما ردك ففخر لي و تاج أضعه على رأسي ولا بأس أن أمشي به في الأرض مرحا..
    صحيح في القصة كثير من التفاصيل الطفولية و ما أجملها : ألا ليت الشباب يعود يوما...
    أدام الله عزك و دمت لنا كاتبا مبدعا.
    محبتي
    و
    تقديري

  7. #7
    الصورة الرمزية الطنطاوي الحسيني شاعر
    في رحمة الله

    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    المشاركات : 10,902
    المواضيع : 538
    الردود : 10902
    المعدل اليومي : 1.77

    افتراضي


    أخي ابراهيم السكوري
    أزيل لبسا قد يكون حصل
    في توقفي عند قولي
    دمت بابداع أخي(ال) ولابلاش
    صدقني كنت سأقول خيرا
    مثل أخي الحبيب او الجميل او شيئ من هذا القبيل
    وجزاك الله خيرا لدماثة خلقك
    وفعلا القصة مشوقة وجميلة وقفلتها أروع ما فيها
    دمت بكل ابداع وجمال اخي الحبيب

  8. #8
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطنطاوي الحسيني مشاهدة المشاركة

    أخي ابراهيم السكوري
    أزيل لبسا قد يكون حصل
    في توقفي عند قولي
    دمت بابداع أخي(ال) ولابلاش
    صدقني كنت سأقول خيرا
    مثل أخي الحبيب او الجميل او شيئ من هذا القبيل
    وجزاك الله خيرا لدماثة خلقك
    وفعلا القصة مشوقة وجميلة وقفلتها أروع ما فيها
    دمت بكل ابداع وجمال اخي الحبيب

    أهلا حبيبي
    شعاري حسن الظن بالناس ، خاصة مع إخواني في هذا الفضاء الرحب الجميل الذي لا يقبل الغث من الناس.
    و أنا أشكرك على الاهتمام الجميل و هذا تفضل منك.
    تأكد أنني أتممتُ الفراغ بوصف جميل، لأنني أبدا لا يمكن أن أتوقع منك سوءا إلا أن أكون أهلا لذلك و إذاك سأقبل نقدك بصدر أرحب كذلك لأن المسلم مرآة أخيه...

    أرشدنا الله و إياك إلى الصواب
    محبتي

  9. #9
    الصورة الرمزية الطنطاوي الحسيني شاعر
    في رحمة الله

    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    المشاركات : 10,902
    المواضيع : 538
    الردود : 10902
    المعدل اليومي : 1.77

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم السكوري مشاهدة المشاركة
    أهلا حبيبي
    شعاري حسن الظن بالناس ، خاصة مع إخواني في هذا الفضاء الرحب الجميل الذي لا يقبل الغث من الناس.
    و أنا أشكرك على الاهتمام الجميل و هذا تفضل منك.
    تأكد أنني أتممتُ الفراغ بوصف جميل، لأنني أبدا لا يمكن أن أتوقع منك سوءا إلا أن أكون أهلا لذلك و إذاك سأقبل نقدك بصدر أرحب كذلك لأن المسلم مرآة أخيه...
    أرشدنا الله و إياك إلى الصواب
    محبتي
    أخي الحبيب ابراهيم
    شكرا أخي لحسن ظنك وأدبك السامق الجميل وسرعة عودتك
    وما أسعدنا بك بيننا أيها الغالي الحبيب
    دمت بكل ابداع وجمال وإيمان

  10. #10
    الصورة الرمزية سعيدة الهاشمي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    المشاركات : 1,346
    المواضيع : 10
    الردود : 1346
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    المبدع ابراهيم السكوري،

    سعيدة بمعانقة حروفك من بعد طول غياب،

    تابعت أحداث قصتك بشغف طفولي، ذكرتني بالأيام القلائل التي كنت أزور فيها البادية

    ذكرتني ببعض المغامرات التي مازالت محفورة بقوة في ذاكرتي.

    يا لها من أيام يصعب تعويضها ويا لها من ذكريات جميلة ولدت وترعرعت في حضن البادية الدافئ

    لا لوم عليك وإنما هو الحمار والحمد لله أن الوالد اكتشف علته التي أنقذتك من صفعات مؤكدة.

    دمت بهكذا جمال.

    تحيتي ومودتي.

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الحمار الذي أراد أن يهرب من الذبح !
    بواسطة جمال علوش في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 31-01-2021, 07:50 PM
  2. ليلة بكى فيها الحمار !!
    بواسطة العمدة في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 15-04-2007, 08:53 AM
  3. أخذوا الحمار فقلت يا ناس الحمار
    بواسطة هيثم العمري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 21-12-2006, 11:37 PM
  4. لماذا بكى الحمار ؟
    بواسطة النجم الحزين في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-07-2003, 03:39 PM
  5. الحمار الملك والملك الحمار-قصيدة من وحى عملية
    بواسطة فارس عودة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-02-2003, 10:41 PM