كلمات عن واصل بن عطاء المعتزلي
جمع وترتيب / ربيع بن المدني السملالي
قال المبرِّد في كتاب "الكامل" لم يكن واصلُ بنُ عطاء غزّالا ولكنه كان يلقب بذلك لأنه كان يلازم الغزَّالين ليعرف المتعففات من النساء فيجعل صدقته لهن ..
وقَالَ الإمَامُ الذَّهبي -رحمهُ الله- :
قيل : عُرِفَ بالغزّال [ يعني واصل بن عطاء المُعتزِلي ] لتَرْدَادِه إلى سُوقِ الغزْلِ ، لِيَتَصدّقَ عَلَى النِّسْوةِ الفَقَيرَات . ..وكانَ يَلْثَغُ بالرّاء غَيْناً ، فلاقْتَدارهِ على اللُّغَةِ وتوسُّعِهِ يَتَجَنَّبُ الوقُوعَ فِي لَفْظَةٍ فِيها رَاء ، كما قيل :
وَخَالَفَ الرَّاءَ حتَّى احتَالَ للشِّعْرِ .
وهو وعَمْرو بن عُبيد رَأسا الاعتزال ، طَرَدَهُ الحَسَنُ عن مَجْلِسِهِ لمّا قَالَ : الفَاسِقُ لا مُؤْمِنٌ ولا كافِرٌ. فانضمَّ إليْهِ عَمْرو ، واعتزلاَ حَلَقَةَ الحسنِ[البصري] ، فَسُمُّوا الـمُعْتَزِلة . [سِير أعلام النبلاء بتصرف ج 4 ص 611] .
وذكر السمعاني في كتاب "الأنساب" في ترجمة المعتزلة أن واصلَ بن عطاء كان يجلس إلى الحسن البصري رضي الله عنه فلما ظهر الاختلاف وقالت الخوارج بتكفير مرتكبي الكبائر وقالت الجماعة بأنهم مؤمنون وإن فسقوا بالكبائر فخرج واصل بن عطاء عن الفريقين وقال إن الفاسق من هذه الأمة لا مؤمن ولا كافر فهو في منزلة بين منزلتين فطرده الحسن عن مجلسه فاعتزل عنه وجلس إليه عمرو بن عبيد فقيل لهما ولأتباعهما معتزلون ...
وقالَ الجاحظ في البيان والتبيين ج 1 ص 16 : وكانَ واصل بنُ عطاء قَبيحَ اللّثْغة شَنِيعَهَا ، وكان طويلَ العُنُق جِدّاً ، ولذلك قال بشّار الأعمى :
مَالِي أشَايعُ غَزّالاً لهُ عُنُـقٌ كَنِقْنِقِ الدَّوِّ إِنْ وَلّى وإنْ مَثَلاَ
عُنْقَ الزَّرَافَةِ مَا بالي وبَالُكُمُ أَتُكْفِرُونَ رِجَالاً أَكْفَرُوا رَجُلا
فَلَمّا هَجَا [ بشّار ] وَاصِلاً وصوَّبَ رَأيَ إبْليسَ فِي تقْديمِ النَّارِ على الطِّين ، وَقَالَ :
الأَرْضُ مُظْلِمَةٌ والنَّارُ مُشْرِقَةٌ والنّارُ مَعْبودةٌ مذْ كانتِ النّارُ
وجعَلَ واصِلَ بنَ عطاء غَزّالاً ، وزَعَمَ أنَّ جَمِيعَ المُسْلِمينَ كَفَرُوا بعْدَ وَفَاةِ الرّسُول صلى الله عليه وسلم ، فقيل له : وعليٌّ أيْضاً ؟ فأنْشَدَ :
ومَا شَرُّ الثلاثةِ أُمَّ عَمْرٍو بِصاحِبكِ الذي لاَ تَصْبَحينا
- قال واصلُ بنُ عطاء عند ذلكَ:
" أَمَا لِهَذَا اْلأَعْمَى اْلـمُلْحِدِ الْـمُشَنَّفِ الْمُكَنَّى بِأَبِي مُعَاذٍ مَنْ يَقْتُلُهْ ، أَمَا وَاللهِ لَوْلاَ أَنَّ الْغِيلَةَ سَجِيَّةٌ مِنْ سَجَايَا اْلغَالِيَّةِ ، لَبَعَثْتُ إِلَيْهِ مَنْ يَبْعَجُ بَطْنَهُ عَلَى مَضْجَعِهِ ، وَيَقْتُلُهُ فِي جَوْفِ مَنْزِلِهِ وَفِي يَوْمِ حَفْلِهِ ...."
قال أحدُهم :
أَلاَ تَرَيانِ أنَّهُ حينَ لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَقُولَ بَشَّارَ ، وابنَ بُردٍ ، والمُرعّثَ ،جعلَ المُشَنّفَ بدلاً منَ الـمُرعّث ، والـمُلْحدَ بدلاً منَ الكَافِر ، وقالَ : لولا أنَّ الغِيلَةَ سَجِيَّةٌ منْ سَجَايَا الغَالية ، وَلَـمْ يَذْكُر المَنْصُورية ولاَ المـُغيرية [من فِرق الشيعة الغُلاة ] لِـمَكان الرّاء ، وقَالَ : لَبَعَثْتُ مَنْ يَبْعَجُ بَطْنَهُ ، ولم يقُل : لأرسلتُ ، وقال : عَلَى مَضْجَعِهِ ، ولم يقل : على فِراشِه ...
يعتبر واصل بن عطاء الشخصية الأولى التي نسب إليها مذهب الاعتزال، وهو، كغيره من أصحاب المقالات المبتدعة، يحيط بشخصيته قدر كبير من الغموض ...كما قال أحد المعاصرين ...
راجع مُعجَم الأُدبَاء لياقوت الحموي ج 5 ص 568 ووفيات الأعيان لابنِ خلِّكان ج 6 ص 7 فما بعدها .
وحفظكم الله يا أهلَ الواحة ...