لا أدري
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أدري ماذا أصنع، ولأول مرة في حياتي لا أدري ماذا أفعل.
تداخلت الإتجاهات المتباينة بكثرتها مع بعضها؛ ناسجة شبكة لا تدري أين تسير منها، وأي مسار هو حبل النجاة فيها.
اختلطت خيوط البشارة بالنذارة، فلا تعي الذي ألمَّ بك؛ أبشارة فتفرح؛ أم نذير فتأخذ حذرك وتراجع أوراقك.
واختلطت الوجوه؛ فلا تعرف المنافق من الصادق.
وامتزج الحلم بالواقع؛ فلا يدري المرء أيعيش الحلم أم أن أنفاسه تذهب سدى.
والتبس الحق بالباطل؛ فعلى بصيرة القلب ختم، وعلى بصر العين غشاوة.
وضاعت حكمة قَدَرِ الموت فذهبت معها قيمة الحياة، فلا يكاد يجزم هل الموت خير للمرء أم الحياة؟
وتداخلت صور أعمال الآخرة بأعمال الدنيا؛ فتاهت النيات وضاعت الإرادة.
إنه زمن لبس فيه كل شيء لباس كل شيء، فتشابه كل شيء،
حتى الفقر والغنى التبسا، فعائل مستكبر وغني لابس للرقاع، متشبه بالمساكين.
وتستمر لا أدري مثقلة كاهل العاجز المنهزم، تستمر في العقول التي فقدت الطريق وتاهت عن المحجة، تستمر ملقية هنا وهناك وهنالك أدرانا من الأفكار والمناهج.
متاهة لا مخرج منها لمن ولج فيها، أحاطت بالانسان حين فصم بين الروح وجسدها، فعاش بجسده، ولجسده عاش
قد ننسى في خضم هذا الغزو الفكري المادي أو نتناسى بأن غالب الخلق هم من ذوي الاعاقات الروحية، وأن إعاقات الروح أشد في كل المناحي من إعاقات الأبدان، و "لا أدري" أشدها عمقا في إعاقة الروح؛ لعلاقتها بما وراء الشهادة، لأنها تفسد ما بين القلب وباريه.. تثير الشك في عدله وحكمته.
إن اليقين في الاسلام لنعمة لا يعرف قدرها إلا من حرمها، وإن تكامل التصور الإسلامي بين الغيب والشهادة تكامل وتوافق بين مسيرة الروح والجسد.
قد يمر الواحد منا بلحظة من لحظات "لا أدري"
فلكل جواد كبوة، ولكل حذر مهما حاذر عثرة وغفلة
من ذا الذي ما أساء قط *** ومن الذي له الحسنى فقط
لكن الحق نور يضيء ظلمات الشبهة ويذهب بأزمنة التيه والضياع
ولا أدري أين يمكن تصنيف كلامي هذا
فأنتظر رأيكم بشوق
رد مع اقتباس
