لا ريب أن الإلقاء الشعري هو فن يستحق الالتفات إليه من قبل الشاعر والتدرب عليه بشكل يسهم في إبراز محاسن قصائده لا العكس.
وأنا مع أكثر ما قلت في مقالك أيها الحبيب والذي أرجو أن تخلصه من بعض شوائب لغوية شابته ، ولكني أود أن أقول بأن أساس نجاح الإلقاء يعتمد على عدم التكلف وإلقاء النص بشكل صادق ومعبر عن المعاني وعاكس جيد للجرس.
ولكني أيضا أؤكد على أهمية التفريق بين الإلقاء الجيد وبين الشعر الجيد فليس كل ملق جيد شاعرا جيدا وليس كل شاعر جيد ملقيا جيدا. والأصل أن يكون التقدير للشعر الإبداعي ذلك أن إنتاج الشعر الإبداعي عملية نادرة لا تتحقق إلا لقلة نادرة أما الإلقاء الجيد فهذا أيسر وأسهل كثيرا في الحصول على ملقين مميزين.
وبعيدا عن فكرة مط الصوت ومد الكلمات وغير ذلك مما يستنكر ويستثقل فإنه من العدل أن نشير أيضا إلى بعض أمور أساسية حين يتعلق الأمر بجودة الألقاء:
أولا ... الإلقاء يعتمد على الصوت وهذا يخلق التفاوت في الإداء بين من صوته جميل رخيم ومن صوته غير ذلك فطبقة الصوت ودرجة تردده هو أمر خلقي غالبا ويؤثر في الأمر بشكل كبير.
ثانيا ... مخارج الحروف لها تأثير كبير في هذا الأمر فمن يجيد مخارج الحروف والتفخيم والترقيق وغير ذلك يزيد في مستوى تأثير إلقائه.
ثالثا ... حفظ النص فهناك من الشعراء وهم الأكثر ممن يعيش نصه ولا يغادره يقرأه ليل نهار معجبا به ويلقيه حيث كان حتى يحفظ النص عن ظهر قلب وحينها يكون الإلقاء أيسر والتركيز على مواضع النبر والتماوج الصوتي أسهل بكثير ، وهناك من الشعراء ممن لا ينشغل كثيرا بنصه الشعري ولا يجد وقتا ولا رغبة في أن يعيد قراءته أو على الأقل أن يكثر من قراءاته فلا يحفظ نصه ويقرأه كأنه يقرأ أي نص آخر تقريبا فيكون ذلك مؤثرا سلبا على مستوى الإلقاء.
رابعا ... اختلاف الأساليب في الإلقاء وتفاوت الذائقة في التلقي تماما كتفاوت التلقي لقراء القرآن بأصواتهم المتفاوته وأساليبهم المختلفة فالذي لا يعجبك قد يعجب غيرك والعكس بالعكس.
ومهما يكن من أمر فإن الإلقاء لا ريب مؤثر ومهم ولكن يظل النص الشعري ومستواه هو الأهم وهو الأجدر بالالتفات إليه مدحا وتقديرا.
تقديري